لن تتردد في زيارة الطبيب إذا كسرت ذراعك أو أصبت بتسممٍ غذائي، أليس كذلك؟ لكن عندما يتعلق الأمر بالأرق، أو القلق، أو الاكتئاب، أو حتى الضغط النفسي، فجأةً يتسلل الخوف والتردد، وتجد نفسك تؤجل الموعد بحجة الانشغال! تشير دراسة حديثة إلى أن نحو 70% من المصابين باضطرابات نفسية لا يتلقون العلاج الذي يحتاجونه، إذ تقف أمامهم عقبات عديدة تحجب عنهم طريق التعافي والطمأنينة. فلماذا يرفض البعض مراجعة الطبيب النفسي؟ وهل حقًا يمكن علاج الأمراض النفسية دون طبيب؟ اكتشف الإجابة في هذا المقال. [1][2]
محتويات المقال
1. الخوف من نظرة المجتمع والشعور بالعار
لا تزال الوصمة الاجتماعية أحد أبرز الأسباب التي تدفع الكثيرين إلى تجنّب مراجعة الطبيب النفسي. فبدلًا من النظر إلى الاضطرابات النفسية كأمراض طبية تحتاج إلى تشخيصٍ وعلاجٍ مثل أي مرضٍ عضوي، ما زال البعض يربطها بـالجنون، أو ضعف الشخصية أو قلة الإيمان أو حتى الكسل وضعف الإرادة. هذه النظرة القاصرة لا تقلل من أهمية العلاج فحسب، بل تزيد من معاناة المريض وتؤخر رحلة تعافيه. [3]
2. الخوف من العلاج
يُعد الخوف أحد أبرز الأسباب التي تدفع الكثيرين إلى تجنّب العلاج النفسي، سواء أكان خوفًا من التغيير، أو من المجهول، أو من مواجهة المشاعر العميقة، أو من التعرّض للحكم والانتقاد. صحيح أن الانفتاح والصدق والضعف داخل جلسات العلاج قد يبدو صعبًا في البداية، لكن ما إن تجد مساحة آمنة ومتقبّلة حتى يتحوّل العلاج إلى تجربة مُلهمة ومُريحة، تساعدك على فهم نفسك بعمق واستعادة راحتك النفسية. [3][4]
3. الخرافات والمفاهيم الخاطئة عن العلاج النفسي
تنتشر العديد من المفاهيم الخاطئة والخرافات حول العلاج النفسي ودور الطبيب النفسي، مما يجعل الكثيرين يترددون في طلب المساعدة رغم حاجتهم إليها، ومن الأمثلة عليها: [1][3][4]
- العلاج النفسي غير مجدٍ أو غير فعّال:
أكدت العديد من الدراسات أن هذه الفكرة خاطئة تمامًا؛ حيث تشير إلى أنّ 70- 90% من المرضى يخضعون للعلاج النفسي يلاحظون تحسنًا ملموسًا في الأعراض وجوانب عديدة من حياتهم، خصوصًا عند دمج العلاج النفسي مع العلاج الدوائي.
- البدء في العلاج النفسي يعني الالتزام به مدى الحياة:
هذا الاعتقاد غير صحيح إطلاقًا؛ فمدة العلاج النفسي تختلف باختلاف نوع الاضطراب وشدّته واستجابة المريض. فعلى سبيل المثال، قد تتحسن حالات القلق والاكتئاب خلال عدة أشهر من الالتزام بجلسات العلاج المنتظمة، بينما تتطلب اضطرابات أخرى مثل الفصام أو الاضطراب ثنائي القطب متابعة أطول للحفاظ على استقرار الحالة. لذا، فالعلاج النفسي ليس التزامًا مدى الحياة، بل رحلة مرنة ومؤقتة تُصمَّم وفق احتياجات كل مريض وسرعته في التعافي.
- الأدوية النفسية إلزامية:
الدواء ليس الخيار الوحيد في العلاج النفسي، فهناك علاجات غير دوائية مثل العلاج السلوكي أو العلاج بالكلام التي قد تكون كافية في بعض الحالات. ويحرص الطبيب النفسي دائمًا على تصميم خطة علاجية فردية تناسب احتياجات كل مريض لضمان أفضل النتائج.
- العلاج النفسي مخصص فقط لمن يعانون من “الجنون”:
من أكثر المعتقدات ضررًا! فالعلاج النفسي ليس حكرًا على من يعانون من اضطرابات شديدة، بل يمكن لأي شخص يمرّ بضغوط أو قلق أو فقدان أو صدمة أن يستفيد منه لتحسين جودة حياته النفسية.
- التحدث مع الأصدقاء يُغني عن زيارة الطبيب النفسي:
الدعم الاجتماعي مهم، لكنه لا يعوّض العلاج المتخصص، فالمعالج النفسي مدرَّب على استخدام تقنيات علمية تساعدك على تغيير أنماط التفكير والسلوك بطريقة فعّالة وآمنة.
- العلاج النفسي يُغيّر الشخصية:
يعتقد البعض أن العلاج سيجعلهم “شخصًا آخر”، لكن الحقيقة أنه يساعدك على فهم نفسك وتطويرها لا على تغيير جوهرك. إنه وسيلة لاكتساب وعي أكبر وإدارة أفضل للمشاعر.
قد يُهمك: نصائح لعلاج الاكتئاب دون دواء!
اسال سينا، ذكاء اصطناعي للاجابة عن كل اسئلتك الطبية            
4. الحرج من التحدث مع الطبيب النفسي
من الطبيعي أن تشعر ببعض الحرج أو التردد عند التحدث لأول مرة مع الطبيب النفسي، لكن هذا الشعور غالبًا ما يكون مؤقتًا ويزول تدريجيًا مع مرور الوقت. فالمعالج النفسي مدرّب على خلق بيئة آمنة ومريحة تتيح لك التعبير بحرية ودون خوف من الحكم أو الانتقاد. [2]
وإذا لم تشعر بالارتياح بعد عدة جلسات، يمكنك التحدث بصراحة عن مخاوفك أو البحث عن معالج آخر يناسبك أكثر، فالعلاقة العلاجية بينك وبين الطبيب النفسي هي الركيزة الأساسية لنجاح العلاج. ومع مرور الوقت، ستكتشف أن معالجك لم يعد شخصًا غريبًا، بل رفيقًا وشريكًا في رحلة التعافي واستعادة التوازن النفسي. [2]
قد يهمك أيضًا: العلاج السلوكي المعرفي.
5. عدم تحمل التكاليف العلاجية
إذا كانت تكاليف العلاج النفسي تمثل عبئًا عليك، فأنت لست وحدك. ولكن هذا لا ينبغي أن يحول بينك وبين زيارة الطبيب النفسي، خصوصًا إذا كانت حالتك النفسية سيئة للغاية، إذ يمكن العثور على خيارات أخرى عديدة: [1]
- اشترك بشركات التأمين الصحي التي تُلزم بتغطية خدمات الصحة النفسية.
- ابحث عن جمعيات أو مستشفيات حكومية تُقدم خدمات دعم نفسي مجانية.
- جرب الاشتراك بخدمات الاستشارات النفسية عن بعد (عبر الإنترنت)، خصوصًا أنّ بعضها يُقدم خصومات مجدية.
6. ضيق الوقت
في ظل ضغوط العمل والحياة اليومية، قد يبدو من الصعب إيجاد وقت لزيارة الطبيب النفسي. لكن تذكّر أن الاهتمام بصحتك النفسية يوفر عليك الكثير منة الجهد والوقت لاحقًا، ويساعدك على استعادة التوازن النفسي والعاطفي في حياتك. [1]
تُقدّم الاستشارات النفسية عبر الإنترنت حلًا عمليًا لمن لديهم جداول مزدحمة، إذ يمكنك الحصول على نفس جودة الرعاية دون الحاجة للتنقّل. كما يقدّم العديد من الأطباء مواعيد مرنة حتى عطلات نهاية الأسبوع أو في الصباح والمساء لتناسب مختلف ظروفك، وتسهّل حصولك على الدعم الذي تحتاجه. [1]
7. إنكار الحاجة للعلاج النفسي
في بعض الأحيان، يشكّل الخوف من الظهور بمظهر الضعف عائقًا أمام زيارة الطبيب النفسي. كثير من الناس يجدون صعوبة في الاعتراف بأنهم بحاجة إلى دعم نفسي، ويفضلون مواجهة مشاكلهم بمفردهم. [4]
غالبًا ما يرتبط هذا الشعور بعدة عوامل: [4]
- الوصمة الاجتماعية: فقد تخاف من أن يُنظر إليك كمريض نفسي، رغم أن العلاج النفسي يمكن أن يخفف الأعراض ويحسّن جودة الحياة.
- الخوف من مواجهة الذكريات المؤلمة: وهو شعور طبيعي، لكن التعامل الواعي مع هذه التجارب يُعد خطوة أساسية نحو التعافي، ويمنح الشخص حرية أكبر من تأثيرات الماضي السلبية.
8. عدم الصبر
قد يبدأ بعض الأشخاص العلاج النفسي ثم يعزفون عنه قبل تحقيق أي تقدم ملحوظ. غالبًا ما يحدث ذلك بسبب صعوبة التعامل مع المشاعر، توقع نتائج فورية، أو عدم توافقهم مع المعالج النفسي. [4]
لكن من المهم أن نعرف أن رؤية النتائج الملحوظة تحتاج وقتًا يتراوح ما بين 8 إلى 12 جلسة على الأقل في العادة. كما أن اختيار المعالج المناسب يُعد أمرًا أساسيًا لتحقيق الفائدة المرجوة. لذا، الصبر وعدم الاستعجال هما ركيزتان أساسيتان في رحلة العلاج النفسي. [4]
9. التجارب السلبية السابقة
قد تُثني التجارب السابقة غير الناجحة مع العلاج النفسي البعض عن المحاولة مرة أخرى، لكن ذلك لا يعني أن العلاج فاشل بشكل عام. فكل معالج جديد يقدم فرصة مختلفة، ويمكنك مناقشة ما لم ينجح سابقًا لتوضيح أسلوب العلاج الذي يناسبك وتحقيق نتائج أفضل وأكثر فاعلية. [4]
نصيحة الطبي
أسباب العزوف عن زيارة الطبيب النفسي متعددة ومتداخلة، وتشمل الوصمة الاجتماعية والخوف من العلاج والمعتقدات الخاطئة حول فعاليته. كما يلعب الحرج من التحدث مع المعالج وإنكار الحاجة للعلاج النفسي دورًا كبيرًا في تأجيل أو تفادي طلب الدعم، مما يحرم الكثيرين من الاستفادة من الرعاية التي قد تحسن حياتهم النفسية بشكل كبير.
لا تنتظر أكثر، احجز جلستك النفسية اليوم وابدأ رحلة التعافي واستعادة توازنك النفسي.
     
                    يعد رهاب المدرسة بالانجليزية School Phobia او مشكلة خوف الاطفال من المدرسة واحدا من اهم الاضطرابات التي يعاني منها 5 ...                    
                        اقرأ أكثر                    
                اقرا ايضاً :
         
            
 
     
                         
                                     
                     
         
     
