ساهمت الحياة العصرية، ومنجزاتها العلمية، في تفاقم مشاكل آلام الرقبة في شكل كبير. وخصوصاً لدى الأشخاص الذين يمارسون أعمالاً مكتبية ولدى طلبة المدارس والجامعات.

فما سبب هذا المرض؟ وهل من علاج له؟

وقبل الاجابة عن هذين السؤالين، نشير الى أن أطباء الاختصاص يؤكدون أن آلام الرقبة مرض حميد وعابر، ويمكن السيطرة عليه، الا أنه في بعض الحالات قد تنتج هذه الآلام عن أمراض معينة في العضلات، أو في العمود الفقري، وفي الغضاريف الموجودة في الرقبة.

اسباب الام الرقبة

 يكاد يجمع أطباء العظام على أن أبرز اسباب الام الرقبة يكون ناجماً عن:

  • إجهاد منطقة الرقبة وأسفل الرأس وأعلى الكتفين.
  • الجلوس لفترات طويلة بطريقة خاطئة، عند الدراسة، أو عند الكتابة أوعند استخدام الحاسوب.
  • استخدام الوسادة السيئة عند النوم، يساهم في ظهور آلام الرقبة.
  • استخدام الهاتف الخلوي والهاتف الأرضي لفترات طويلة، مع ثني الرقبة ناحية الكتف، ما يضيف إجهاداً غير عادي على الرقبة.
  • التهابات عضلية مزمنة.
  • خشونة في الفقرات، التي تقع في منطقة الرقبة.
  • الانزلاق الغضروفي في الفقرات العنقية. وفي هذه الحالات قد تمتد الآلام لتشمل الكتف والذراع والساعد وكذلك الأصابع وقد يصاحبها خدر وتنميل.
  • من أسباب آلام الرقبة والرأس من الخلف المفاجئة، حوادث المرور قد تكون سبباً في ظهورها، وخصوصاً عندما يتعرض سائق المركبة إلى ارتطام مركبة أخرى به من الخلف، ما يؤدي إلى شد عضلي معروف لدى الاطباء باسم (بالإنجليزية: Whip lash Injury).
  • في حالات نادرة قد تكون آلام الرقبة ناتجة عن التهابات جرثومية في الفقرات العنقية أو في الغضاريف العنقية نتيجة الإصابة بالبكتيريا مثل بكتيريا السل.
  • هناك فئة من المرضى تكون لديهم أورام سرطانية، أو غير سرطانية، تؤثر في الفقرات العنقية وتؤدي إلى آلام مبرحة في هذه المنطقة.

اعراض الم الرقبة

تعتمد الأعراض -حسب الأطباء- على السبب الكامن وراء ظهور آلام الرقبة. ففي الغالبية العظمى من المرضى الذين يعانون من آلام الرقبة الحميدة الناتجة من الإجهاد المزمن، تتلخص الأعراض لديهم فيما يلي:

الم اسفل الراس

يبدأ الألم من الناحية الخلفية، ويمتد للرقبة وإلى أعلى الكتفين، ويزداد مع الإجهاد، وبذل المجهود والجلوس لفترات طويلة، ويقل في فترات الإجازات والعطلات الأسبوعية. وقد يصاحب هذه الآلام نوع من أنواع آلام الرقبة والصداع، الذي يصيب المنطقة الخلفية من الرأس. 

  •  تزداد  حدة الآلام مع التعرض لضغوط نفسية أو جسدية أو مع تقلبات المناخ مثل دخول فصل الشتاء، ولدى النساء تزداد حدتها مع دخول الدورة الشهرية.
  • تزيد عند المرضى الذين يعانون من ضيق في القناة الشوكية وضغط على النخاع الشوكي، أو الذين يعانون من انزلاق غضروفي في الفقرات العنقية،
  • قد يصاحب الألم خدران وتنميل في الأصابع، في بعض الحالات.
  • قد يكون هناك ضعف في العضلات، وتأثر في وظيفة الساقين أيضاً، وذلك في الحالات المتقدمة.

متى يكون الم الرقبة خطير

يجب الانتباه إلى المرضى الذين تكون آلامهم ناتجة عن التهابات جرثومية أو عن أورام، فإن هذه الفئة تعاني من آلام، حتى في أوقات الراحة، أو في الليل أو أثناء النوم، وحتى مع انعدام الحركة في العنق، وهي خاصية مميزة لهذه الفئة من المرضى. تستدعي الاهتمام والتدقيق من قبل الطبيب.

فعندما يشتكي المريض من ألم عندما يكون مستلقياً ومسترخياً على الفراش، فإنه يجب أخذ هذا بجدية تامة. وإذا ما صاحب هذه الآلام الشعور بالرجفة أو ارتفاع في درجة الحرارة للجسم ككل أو فقدان للشهية أو نقص في الوزن، فإنها كلها مؤشرات على خطورة الوضع.

للمزيد: آلام الرقبة: احتكاك فقرات العنق

تشخيص الم الرقبة

بالنسبة للتشخيص، فإنه عادة ما يبدأ بالفحص السريري الذي قد يبين وجود تمدد في حركة الفقرات العنقية ووجود شد وتقلص في العضلات المحيطة بالرقبة والكتفين. وقد يبين كذلك وجود نواقص عصبية في اليدين أو القدمين مثل تغير المنعكسات العصبية أو فقدان الإحساس في بعض الأصابع.

  • يأتي دور الأشعة السينية (X ray) تالياً، التي قد تبين وجود شد في عضلات العنق أو وجود خشونة في الرقبة.
  • التصوير المقطعي المحوسب (CT).
  • تعد الطريقة الفضلى والأحدث لتشخيص مشاكل الفقرات العنقية، هي أشعة الرنين المغناطيسي (MRI) التي تبين بدقة ووضوح وجود أي تغيرات رثوية أو أي انزلاقات غضروفية أو أي آثار لالتهابات أو أورام في الفقرات العنقية.
  • يلجأ الطبيب إلى طلب بعض الفحوصات المخبرية كتحاليل الدم وغير ذلك أحياناً.
  • فحص السائل الشوكي، يتم من خلالها الحصول على عينة من السائل الشوكي وهذا الفحص يستخدم للكشف عن التهاب السحايا.

يجب التنبيه هنا إلى ضرورة الدقة عند تشخيص هذه الحالات، فكثير من المرضى قد يكون لديهم مشاكل في الكتفين، ما يؤثر على الرقبة أو قد تكون لديهم مشاكل في الرقبة، ما قد يؤثر على الكتفين. ولذلك فإنه من الضروري فحص مفصل الكتف عند فحص هذه الفئة من المرضى.

للمزيد: فقرات العنق و علاج آلام الرقبة

علاج الام الرقبة

يعتمد علاج آلام الرقبة والكتفين على السبب الكامن وراء المرضى فمثلاً إذا كانت هناك مشاكل بما في ذلك ضيق القناة الشوكية أو الانزلاق الغضروفي أو وجود التهابات جرثومية أو أورام فقد يكون التدخل الجراحي ضرورياً.

أما في الحالات الناتجة عن الآلام الحميدة، الناجمة عن الإجهاد والتهاب العضلات، فإن الخطة العلاجية تبدأ بطرق علاجية تحفظية تتكون من الآتي:

  • أخذ قسط كاف من الراحة، خصوصاً عند الناس الذين تتطلب أعمالهم استخدام الحاسب الآلي أو الكتابة لفترات طويلة. 
  • المحافظة على الوضعية السليمة عند الجلوس للمذاكرة، عند استخدام الحاسب الآلي، حيث تكون المذاكرة على طاولة، وباستخدام كرسي صحي وعدم المذاكرة على الأرض أو على الكنبة أو على السرير، كما يفعل الكثير من الطلاب.
  • محاولة أخذ قسط من الراحة كل ربع ساعة أو كل نصف ساعة مع عمل تمرينات بسيطة لعضلات الرقبة، وذلك لعلاج عضلات الرقبة المشدودة.
  • عمل جلسات علاج طبيعي للتأهيل والتثقيف عن الوضعيات الصحيحة للمحافظة على سلامة الرقبة، وكذلك عمل تمرينات إطالة لعضلات الرقبة وتمرينات تقوية لهذه العضلات، مما يؤدي على المدى الطويل إلى إعادة تأهيلها وتقويتها ويجعلها قادرة على تحمل الضغوط اليومية.
  • استخدام الأدوية المضادة للالتهابات والأدوية المسكنة للآلام والأدوية المرخية للعضلات، لفترات قصيرة بإشراف الطبيب.
  • استخدام الوسادة الطبية عند النوم لعلاج آلام الرقبة بسبب النوم الخاطئ، وعند الجلوس، لكي تحافظ على القوام الصحيح للفقرات العنقية وللظهر بصفة عامة.
  • استخدام كريم لعلاج آلام الرقبة، والمراهم، والكمادات الساخنة أو الباردة كل حسب حالته عند اللزوم.
  • يجب على المريض أن يعرف الأشياء التي تؤثر في صحته وتزيد من حالته ويتجنبها، مثل الضغوط النفسية والبرد والإجهاد.
  • في حال استمرار الآلام في منطقة محددة، فإنه يمكن إعطاء حقن لعلاج آلام الرقبة، موضعية تحتوي على مادة البريدنيزولون المضادة للالتهاب، لكي تقضي على الالتهاب في العضلة.

للمزيد: علاج الام الرقبه – احتكاك الفقرات

تثمر الخطة التي ذكرت سابقاً لدى الغالبية العظمى من المرضى، وتكون ناجحة في تخليصهم من الآلام المزمنة أو الحادة في منطقة العنق وأعلى الظهر والكتفين.

يجب التنبيه إلى أن العادات الجديدة والأجهزة المساعدة والتمارين التي يتعلمها المريض أو المريضة خلال فترة علاجه، يجب أن تكون مستمرة ودائمة وتكون جزءاً من حياته وبرنامجه اليومي لكي يضمن عدم عودة هذه الآلام.

أما في الحالات التي تكون نتيجة انزلاق غضروفي، أو حدوث ضيق على القناة الشوكية، ولا تستجيب للخطة العلاجية السابقة، فإن التدخل الجراحي قد يكون ضرورياً.

يقوم العقل البشري بالتفكير والفهم والإحساس، ولكن كيف يفكر العقل البشري؟

اقرأ أيضاً: الطريقة المثلى للتخلص من آلام الرقبة

الجراحة لعلاج الم الرقبة

 ينصح بالجراحة عندما تكون الآلام ناتجة عن انزلاقات غضروفية في الفقرات العنقية تضغط على الأعصاب وتؤثر في الذراع ولا تستجيب للعلاج التحفزي، فإن التدخل الجراحي يصبح ضرورياً.

هذا التدخل الجراحي يكون عن طريق عملية جراحية لاستئصال الانزلاق الغضروفي في الفقرات العنقية، وتحرير العصب ورفع الضغط عن النخاع الشوكي.

  1. تعتبر عملية روتينية تجرى عادة عن طريق فتحة لا تتجاوز بضعة سنتيمترات في مقدمة العنق، ويتم خلالها استخدام الميكروسكوب الطبي. 
  2. تستغرق العملية نحو الساعة أو الساعة والنصف، وتبلغ نسبة نجاحها خمسة وتسعين في المئة.

الغضروف الصناعي للرقبة

بعد استئصال الانزلاق الغضروفي في الفقرات العنقية، فإنه يمكن وضع طعم عظمي صناعي مكان الغضروف لدمج الفقرتين معاً، أو يمكن استخدام ما يعرف بالغضروف الصناعي، الذي يتم وضعه مكان الغضروف المريض الذي تم استئصاله.

فائدة الغضروف الصناعي هو أنه بدلاً من دمج الفقرتين وانعدام الحركة بينهما، فإنه سوف يؤدي إلى المحافظة على الحركة بين الفقرتين التي تمت إزالة الغضروف المريض من بينهما.

في الواقع فإن الغضروف الصناعي في الفقرات العنقية هو أحدث التقنيات المتواجدة عند علاج هذه المشكلة. وعلى الرغم من ارتفاع ثمن هذا الغضروف الصناعي نسبياً، إلا أن كثيراً من المرضى يفضلونه لأنه كما ذكرنا سابقاً، يحافظ على الحركة في العنق وخصوصاً لدى فئة المرضى الصغار في السن نسبياً.

أما في الحالات التي تكون ناتجة عن التهابات جرثومية في الفقرات العنقية، فإن التدخل الجراحي قد يكون ضرورياً لإزالة أي تجمعات صديدية، ولعمل تنظيف الفقرات المتسوسة وتثبيتها إذا كان الالتهاب أدى إلى خلخلة في هذه الفقرات.

يعطى المريض بعد ذلك جرعات مركزة من المضادات الحيوية عن طريق الوريد لفترة قد تستمر بضعة أسابيع بهدف القضاء على البكتيريا المسببة للالتهاب الجرثومي.

وبالنسبة للحالات القليلة التي يكون فيها الألم ناتجاً عن أورام حميدة أو أورام سرطانية، فإن علاج الم الرقبة يعتمد على نوع الورم، وشدته، وشراسته ومكانه في الفقرة ويختلف من مريض إلى آخر.

اقرا ايضاً :

الزهايمر، اعراضه، وطرق التعايش مع المريض