الذاكرة الكاذبة | False Memory

الذاكرة الكاذبة

ما هو الذاكرة الكاذبة

الذاكرة الكاذبة أو الذاكرة الخاطئة (بالإنجليزية: False Memory) هي ذكريات ملفقة أو مشوهة لحدث ما. قد تكون هذه الذكريات كاذبة وخيالية تماماً، وفي حالات أخرى قد تحتوي على عناصر من الواقع ولكن تم تشويهها عن طريق تداخل المعلومات أو تشوهات أخرى في الذاكرة.
يمكن أن تتراوح أمثلة هذه الظاهرة من أمر بسيط مثل تذكر الشخص بشكل خاطىء بأنه أغلق باب المنزل إلى أمر أكثر خطورة بكثير مثل التذكر الخاطىء لتفاصيل حادث كان شاهداً عليه.

يتم تمييز الذاكرة الكاذبة عن الأشكال الأخرى من مشاكل الذاكرة عن طريق المميزات التالية:

  • الذاكرة الكاذبة هي تجارب عقلية يعتقد المصاب بها أنها تمثيل دقيق للأحداث الماضية.
  • الذاكرة الكاذبة تتراوح من تذكر خاطىء لتفاصيل بسيطة (مثل اعتقاد الشخص بأنه وضع مفاتيحه على الطاولة عند عودته للمنزل) إلى تفاصيل أكثر خطورة (مثل اعتقاد الشخص برؤيته لشخصٍ ما في مكان الجريمة).
  • الذاكرة الكاذبة تختلف عن مشاكل الذاكرة البسيطة التي قد يتعرض لها أي شخص، حيث أن الذاكرة الكاذبة تصل إلى مستوى اليقين في صحة الذاكرة.
  • الذاكرة الكاذبة لا تتعلق بنسيان أو اختلاط في تفاصيل الأشياء التي قد مر بها الشخص، بل تتعلق بتذكر أشياء لم يختبرها في المقام الأول

إقرأ أيضاً: أسباب كثرة النسيان والعلاجات المتاحة

الذاكرة ليست دائمة، بل إنها مرنة وتتغير بشكل مستمر. بعض العوامل من أشخاص أو أحداث قد تجعل الإنسان أكثر عرضة لتكوين ذاكرة كاذبة، وتشمل هذه العوامل:

  • شاهد عيان: إذا شاهد الإنسان جريمة أو حادثاً، فإن شهادته مهمة ولكنها ليست قاطعة. وذلك لأن الخبراء وموظفي إنفاذ القانون يعرفون أن الذكريات يمكن أن تتغير (سواء عبر الاقتراح أو مع مرور الوقت). وقد تملأ الذاكرة أي فراغ في حدث معين، ممّا يؤدي إلى تحويل ذكرى مستردة موثوقة إلى ذكرى خاطئة وكاذبة.
  • الصدمة: تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الصدمات النفسية أو الاكتئاب أو التوتر قد يكونون أكثر عرضة لتكوين ذكريات خاطئة وكاذبة، حيث أن الأحداث السلبية قد تُنتج ذكريات خاطئة أكثر من الأحداث الإيجابية أو المحايدة.
  • الوسواس القهري OCD: إن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري قد يعانون أيضاً من ضعف في الذاكرة أو سوء الثقة في الذاكرة؛ وبالتالي فإنهم يكونون أكثر عرضة لتكوين ذكريات خاطئة لأنهم لا يثقون في ذكرياتهم. وهذا يؤدي في كثير من الأحيان إلى السلوكيات المتكررة أو القهرية المرتبطة بهذا الاضطراب.
  • التقدم في العمر: مع تقدم الشخص وذكرياته بالعمر، قد يتم فقدان بعض التفاصيل المتعلقة بهذه الذكريات. حيث يصبح لُب الذاكرة أقوى، بينما تتلاشى التفاصيل. على سبيل المثال، قد يتذكر الشخص ذهابه إلى الشاطىء في شهر العسل، لكنه قد لا يتذكر اسم الفندق أو حالة الطقس أو حتى المدينة التي بقي فيها.

كيف تتكون الذكريات الكاذبة؟

الذكريات معقدة، حيث قد يعتقد الناس أن الذاكرة هي عنصر أبيض أو أسود، إلا أن الحقيقة هي أن الذكريات قابلة للتغيير ومرنة وغير موثوقة في أغلب الأحيان. أثناء نوم الشخص يتم نقل الأحداث من الذاكرة المؤقتة للعقل إلى التخزين الدائم. ومع ذلك فإن هذا الانتقال ليس مطلقاً، حيث أن بعض عناصر الذاكرة قد تضيع؛ ومن هنا قد تبدأ الذكريات الخاطئة أو الكاذبة.

تنشأ الذاكرة الكاذبة بعدة طرق، وتؤثر كل طريقة على التغييرات التي تطرأ على الذاكرة أو كيفية تخزينها. قد يكون من الصعب معرفة أي من هذه المشكلات قد تسببت في الذكريات الخاطئة، لكن المعرفة بها يمكن أن تساعد في النهاية على فهم سبب شيوع الذكريات الخاطئة.

  • الاقتراح: يمكن إنشاء ذكريات خاطئة وكاذبة جديدة عبر الاستدلال بتلقين من شخص آخر أو عن طريق الأسئلة التي يطرحها. على سبيل المثال، قد يسألك شخص ما إذا كان سارق البنك يرتدي قناعاً أحمر، فقد تجيب بنعم ثم تصحح نفسك بسرعة بأنه كان يرتدي قناعاً أسود، بينما في الحقيقة لم يكن السارق يرتدي قناعاً على الإطلاق ولكن الاقتراح قد زرع ذاكرة لم تكن حقيقية.
  • المعلومات المضللة: يمكن أن يتلقى الشخص معلومات غير صحيحة أو خاطئة عن حدث ما ويقتنع بأنه حدث بالفعل. حيث يمكن أن ينشأ لدى الشخص ذاكرة جديدة أو يقوم بدمج الذكريات الحقيقية مع الخاطئة والكاذبة.
  • التصور غير الدقيق: دماغ الإنسان يشبه الكمبيوتر، ويقوم بتخزين ما يُقدم له؛ فإذا تم إعطاؤه معلومات غير دقيقة فإنه يخزن معلومات غير دقيقة، وقد يقوم الدماغ بسد الفجوات التي خَلَّفتها في قصتك في وقت لاحق بالذكريات الخاطئة التي يقوم بإنشائها.
  • العزو الخاطئ: يمكن في الذاكرة الجمع بين عناصر الأحداث المختلفة في حدث واحد. فمثلاً عندما يقوم الشخص باستعادة ذكرياته، فإنه يقوم باستعادة الأحداث التي حصلت. ولكن الخط الزمني يكون مختلطاً أو مشوشاً مع مجموعة من الأحداث التي تتشكل على هيئة ذاكرة واحدة خاطئة.
  • العواطف: قد تكون للعواطف في لحظة معينة تأثير كبير على كيف وماذا يتم تخزينه في الذاكرة. تشير الأبحاث الحديثة إلى أن المشاعر السلبية تؤدي إلى ذكريات خاطئة أكثر من المشاعر الإيجابية أو المحايدة.

تُستخدم تقنيات العلاج النفسي مثل التنويم المغناطيسي والتأمل المُوَجه كوسيلة لاستعادة الذكريات المكبوتة، وغالباً ما تكون هذه الذكريات أليمة مثل الاعتداء الجنسي في سن الطفولة. وترتبط هذه الذكريات مباشرة بالسلوك الحالي للأشخاص، حيث قد يقومون بالإبلاغ عن هويتهم وعلاقاتهم. وهذا ما يسمى بمتلازمة الذاكرة الكاذبة أو إنشاء حقيقة حول ذاكرة غير صحيحة.

لا توجد تقنيات يمكن أن تحدد صحة هذه الذكريات، ولم يتوصل العلم بعد إلى طريقة لإثبات أن الذاكرة المستردة صحيحة أو خاطئة في حال عدم وجود أدلة مستقلة. وتعد استعادة الذاكرة العلاجية من الممارسات المثيرة للجدل حتى وقتنا الحالي. يعتبر وجود أدلة مستقلة تدعم أو تدحض الذكريات هو الحل الوحيد للذاكرة الكاذبة. حيث أن الذاكرة الكاذبة هي عنصر بشري يدل على أن أدمغة البشر ليست مضمونة.

كشفت العديد من القصص في السنوات الأخيرة عن التأثير المدمر الذي قد تحدثه الذاكرة الكاذبة في بعض الأحيان. مثلاً يمكن أن يكون للذكريات الخاطئة عن الجرائم أو الاعتداء الجنسي عواقب وخيمة على كل من المُتهَم والمتهِم. ولكن معظم حالات الذاكرة الكاذبة أقل خطورة وتتكرر بشكل كبير. ولقد وجد الباحثون أن معظم الأشخاص يحملون ذكريات كاذبة لكثير من الأشياء، بدءاً من تفضيلاتهم الشخصية وخياراتهم، وانتهاءً بذكريات الأحداث التي حصلت في وقت مبكر من حياتهم. فما هو تأثير الذاكرة الكاذبة على تصرفاتنا؟

أولاً: الذاكرة الكاذبة قد تؤثر على عادات الأكل الخاصة بالشخص

في تجربة حول تأثير الذاكرة الكاذبة على السلوك، ابتكر الباحثون ذاكرة كاذبة من خلال الإشارة للمشاركين بأنهم قد أصيبوا بالمرض بعد تناول سلطة البيض وهم أطفال. بعد ذلك تم تقديم أنواع مختلفة من الشطائر للمشاركين بما في ذلك شطيرة تحتوي على سلطة البيض. من المثير للدهشة أن المشاركين الذين اقتنعوا بهذه الذاكرة الكاذبة أظهروا تغييراً في السلوك والموقف تجاه خيار سلطة البيض، حيث أنهم تجنبوها وأعطوها تقييماً أقل من تقييم المشاركين الآخرين الذين لم تتكون لديهم ذاكرة كاذبة. وحتى بعد مرور أربعة أشهر على التجربة تجنب المشاركون خيار سلطة البيض.

ثانياً: الذاكرة الكاذبة تعقد عملية اتخاذ قرارات نهايات العمر

يمكن أن يكون للذكريات الكاذبة تأثيراً على القرارات التي يتخذها الناس في أواخر أعمارهم، مثل نوع العلاج الذي يريدونه، ونوع الرعاية التي يرغبون بالحصول عليها. لذا فقد يلجأ الشخص إلى الوصية الحية، حيث تكون مصممة لضمان احترام رغباته في حال إصابته بمرض خطير وفقدان قدرته على التواصل، وتتضمن معلومات محددة حول نوع العلاج والرعاية والإجراءات العلاجية التي يرغب أو لا يرغب بها هذا الشخص في حال إصابته بمرض عضال. ولكن وفقاً لإحدى الدراسات فإن هذه التوجيهات قد لا تكون فعالة لأن تفضيلات الشخص قد تتغير مع مرور الوقت دون أن يدرك الفرد ذلك. وفي دراسة أجريت على مشاركين فوق ٦٥ عاماً تم سؤالهم عن العلاج الذي يودون تلقيه في حال إصابتهم بمرض عضال، وبعد مرور عام طُلب منهم تذكر الإختيارات التي قاموا بها في المقابلة الأولى. لوحظ أن ثلث المشاركين قامت بتغيير رغباتهم، و٧٥٪ من هؤلاء الأفراد تذكروا وجهة نظرهم الأصلية بشكل خاطىء.

ثالثاً: الذاكرة الكاذبة يمكن أن يكون لها عواقب مميتة ومغيّرة للحياة

حيث كان للذاكرة الكاذبة تأثير كبير ومقلق على حياة الأشخاص. كما أن الذاكرة الكاذبة قد أدت إلى اتهامات وإدانات خاطئة بمجموعة متنوعة من الجرائم بما في ذلك الاعتداء الجنسي. كما ويمكن أن يكون للذاكرة الخاطئة أيضاً عواقب مميتة على بعض الأشخاص (كحادثة نسيان أم لطفلها في السيارة لفترة طويلة في يوم حار بسبب ذاكرتها الخاطئة التي جعلتها توقن أنها قد أوصلته إلى جليسة الأطفال مما أدى إلى وفاته).  كما ويجب الانتباه إلى أنه حتى أولئك الذين لديهم ذاكرة ممتازة قد يكونون عرضة للذاكرة الكاذبة.

Kendra Cherry. False Memories. Retrieved on the 29th of January, 2020, from: https://www.verywellmind.com/what-is-a-false-memory-2795193

Kimberly Holland. False Memory: what you need to know. Retrieved on the 29th of January, 2020, from: https://www.healthline.com/health/false-memory

Kendra Cherry.The Consequences of False Memories. Retrieved on the 29th of January, 2020, from: https://www.verywellmind.com/the-consequences-of-false-memories-2795350 

هل وجدت هذا المحتوى الطبي مفيداً؟

happy مفيد

sad غير مفيد

أسئلة وإجابات مجانية مقترحة متعلقة بعلم النفس

سؤال من أنثى سنة

في علم النفس

هل هنالك أمراض ناتجة عن الوحدة الدائمة وعدم وجود أي شخص بجانبنا يساندنا أو يزيح عنا همنا ، بمعنى الوحدة...

الوحدة والانطواء على الذات والميل إلى العزلة والانفراد وعدم الرغبة في مشاركة الآخرين العمل والنشاط الاجتماعي، هي بحد ذاتها اضطراب، ويمكن أن تتطور إلى رهاب اجتماعي وإلى القلق، ولكن عندما يزداد القلق والخوف يصبح حالة مرضية تمتاز بالارتباك الزائد، وهذا مع الوقت يتقدم وينعكس سلباً على الصعيد النفسي والعضوي، وبالتالي يُساهم في تطور العديد من المشاكل الصحية المختلفة بشكل تدريجي ومن أهمها ما يتعلق بحركة الشخص وسلوكياته الحياتية اليومية، كون الشخص في حالة الوحدة والعزلة يبدأ بشكل لا شعوري بتقليل حركته وهذا بحد ذاته يُشكل الحجر الاساس للاخلال في الاستقلاب وتكدس المواد المُضرة والسامة وعدم صرف الطاقة، خاصة ما يرافقها من تجمع للدهون في الجسم حيث تبدأ السمنة ومشاكل الدورة الدموية ةالقلب وباقي الأجهز حسب البنية الخاصة بالفرد، مضافاً إليها مُضاعفات الاضطراب النفسي الذي يُسرع في تطورها أو قد يتقدم عليها في كثيراً من الحالات ليصبع هو بحد ذاته المرض الأساس كما هو الحال في بعض حالات الإكتئاب

144 طبيب

موجود حاليا للإجابة على سؤالك

bg-image

هل تعاني من اعراض الانفلونزا أو الحرارة أو التهاب الحلق؟ مهما كانت الاعراض التي تعاني منها، العديد من الأطباء المختصين متواجدون الآن لمساعدتك.

ابتداءً من

7.5 USD فقط

ابدأ الان

مصطلحات طبية مرتبطة بعلم النفس

أدوية لعلاج الأمراض المرتبطة بعلم النفس