تعتبر مجموعة الأمراض الروماتزمية (الرثوية) الأكبر من حيث معدل انتشارها بين الناس، إذ تقدر الإحصاءات العالمية بأن نحو 30 في المائة من مجموع سكان أي بلد في العالم يعانون من أمراض أو آلام رثوية مختلفة، يتمثل أغلبها في التهابات المفاصل وآلام الظهر، لا سيما آلام أسفل الظهر، وأن نحو ثلثي هذا الرقم (نحو 20 في المائة من السكان) يعانون من أعراض رثوية شديدة.

 

إن مجموعة أمراض المناعة الذاتية الالتهابية

كالداء الرثياني (Rheumatoid Arthritis) والذئبة الحمراء (SLE)

والتصلب الجلدي (Scleroderma) تصيب مجتمعة نحو 2 في المائة من مجموع السكان، وأن نصف هذا العدد يعاني من الداء الرثياني. وتعتبر الأمراض الرثوية السبب الثاني للعجز الحاد بعد أمراض الجهاز التنفسي، والسبب الأول للعجز المزمن، ويتوفى نحو 0.02 في المائة من السكان سنويا بسبب الأمراض الرثوية.

مراحل أمراض اليد

وأفاد الدكتور وليد صالح العديني، استشاري جراحة العظام وتخصص دقيق في جراحة اليد أن اليد تعتبر من أكثر مناطق الجسم عرضة للأمراض الرثيانية (Rh Arthritis)، وتحتل مركز الصدارة في ذلك. وأن هذا المرض يمر عادة بثلاث مراحل خلال تطوره، فالمرحلة الأولى تبدأ بالتهابات في الأغشية السينوفية حول المفاصل والأغشية المغلفة للأوتار، وفي المرحلة الثانية يبدأ التآكل في المفاصل والأوتار (وهو العامل الأساسي المسبب للخشونة)، وفي المرحلة الثالثة والأخيرة تبدأ تمزقات الأوتار مسببة تحطيما متواصلا وفقدانا للقدرة على الحركة.

وفيما يلي تفاصيل مراحل أمراض اليد الرثيانية من حيث الأعراض والتشخيص والعلاج:

المرحلة الأولى: يقول الدكتور العديني إن المرض يبدأ بأعراض تيبس وتورم في الأصابع في منطقة الرسغ (مفصل الكف) الذي يكون مصاحبا بآلام مزمنة. وقد ينتج عن هذا التورم في منطقة الرسغ ضغط على منطقة العصب الأوسط مسببا تنميلا وضعفا في قوة اليد بسبب الالتهابات المزمنة من الأغشية السينوفية المبطنة للأوتار المارة بمنطقة الرسغ. وخلال الفحص السريري في هذه المرحلة يلاحظ وجود تورمات في مفاصل اليد المشطية السلامية

(metacarpophalangeal joints) والمفاصل السلامية الأولى، ما يعطي اليد شكل المخاريط.

ويصيب المرض اليدين معا ويمكن ملاحظة تورم الأغشية السينوفية الملتهبة أكثر وضوحا في ظهر اليد والرسغ وكذلك في منطقة باطن أصابع اليدين. وبالضغط المباشر على ظهر مفاصل الأصابع يشعر المريض بآلام شديدة مع شعور بطقطقة عند حركة الأوتار، ويصاحب كل ذلك تحدد في حركة المفاصل وضعف في قوة اليد.

 المرحلة الثانية: يواصل الدكتور العديني وصفه للمرض خلال هذه المرحلة، إذ ينتقل إلى طور التحطيم في مفاصل اليد ويلاحظ بالمعاينة (الفحص السريري) الانحراف في شكل اليد والأصابع فينحرف الرسغ (مفصل الكف) إلى الجهة الجانبية (الكعبرية) وتنحرف العظام المشطية والسلامية لليدين إلى الجهة الجانبية (الزندية) إضافة إلى انحراف مسار عظام الأصابع وتغيير شكلها بسبب التغيير الحاصل في الأوتار والأربطة المحيطة بالأصابع والمفاصل وتمزق بعض الأوتار والأربطة.

 المرحلة الثالثة: تستمر الأعراض خلال هذه المرحلة من المرض حتى تستقر بتدمير واسع لليدين نتيجة المرض الرثياني، وهي تشمل جميع أعراض التشوهات الحاصلة في اليدين ومن ضمنها الخلع في مفاصل الأصابع المشطية السلامية والخلع بين عظام مفصل الكف (الرسغ) وبين العظام السلامية بين بعضها البعض وظهور ما يُعرف بتشوهات الأصابع مثل «تشوهات بوتونير (beutonnier deformity) و تشوهات عنق البجعة  (swan - neck deformity) متسببة بشكل كارثي في تصلب المفاصل ومحدودية حركة الأصابع واليدين ككل مؤدية إلى حرمان المريض من الاعتماد على نفسه.

ثم يظهر ما يعرف بجيبات الالتهاب الرثياني (rheumatoid nodules) على أصابع المصاب، ويمكن تمييزها عند المصابين بالالتهابات الرثيانية في نهايات الأصابع.

السلام عليكم انقطعت عن التدخين منذ أكثر من شهر و تخلصت من الرغبة في التدخين لكن لماذا لا أستطيع النوم إلا قليلا و أحس بالإجهاد الشديد كما أنه ليس لي شاهية للأكل ؟

وأخيرا يعاني المريض المصاب بالالتهاب الرثياني من ضعف قوة اليد وحركتها نتيجة ضعف عضلات اليد ووجود آلام مزمنة وانحراف مسار الأوتار وتمزقها وتيبس المفاصل والضغط المستمر على الأعصاب المحيطة.

أعراض عامة

تجب مراعاة عدم فحص اليدين بمعزل عن الجسم، وهناك فحوصات يجب عملها عند المصابين بالالتهاب الرثياني تشمل فحص مفاصل الأطراف العلوية للجسم مثل المرفق (الكوع) والكتف والرقبة والأطراف السفلية وعمل أنواع التصوير الشعاعي المناسبة بدقة وإجراء فحوصات الدم المختلفة.

فحص الأشعة، في المرحلة الأولى من المرض، لا توجد تغيرات عظيمة، وتوجد تورمات وبعض الهشاشة حول المفاصل مع وضوح التصويرات الإشعاعية.

أما في المرحلة الثانية، فيتضح وجود تضييق في مفاصل أصابع اليد وبداية وجود خشونة وتآكل حول المفاصل ويكون أكثر في منطقة المفاصل المشطية السلامية (metacarpophalangeal) ومنطقة أسفل العظمة الزندية.

في المرحلة الثالثة، يتضح وجود تحطم وخشونة شديدة للمفاصل بشكل عام مصاحب بخلع في مفاصل اليد والأصابع.

العــــلاج

يؤكد الدكتور وليد العديني أن العلاج يعتمد على مرحلة المرض، فلكل مرحلة علاج خاص بها.

علاج المرحلة الأولى، يوجه العلاج نحو التحكم في المرض بشكل عام وشامل في الجسم كاملا بالإضافة إلى علاج الالتهابات الموضعية (الأغشية السينوفية) وإعطاء العلاجات الدوائية المناسبة، وأحيانا توضع يد المصاب في سنادة لبعض الوقت للمساعدة في تخفيف التورمات والآلام. كما أن بعض تورمات الأغشية السينوفية لليدين والأوتار تستجيب لحقنات الكورتيزون وأن البعض الآخر لا يستجيب لمثل هذه العلاجات وإنما يحتاج إلى التدخل الجراحي. وأما إذا صاحب هذه الالتهابات (مرض العصب الأوسط) الحاصل نتيجة الضغط على العصب الأوسط من الأنسجة المحيطة (الملتهبة) فيجب إجراء عملية تحرير للعصب (من الضغط الحاصل) مع استئصال الأغشية السينوفية المغلفة للأوتار القابضة للأصابع.

علاج المرحلة الثانية، تعتبر المرحلة الثانية مهمة لمنع التشوهات وتطورها، فضمن هذه المرحلة يكون احتمال التدخل الجراحي كبيرا في إزالة الأغشية السينوفية الملتهبة حول الأوتار وإخضاع المريض لبرنامج تأهيلي مكثف (physiotherapy) كما أن هناك الكثير من العمليات المعقدة لتعديل انحراف الأوتار والانحرافات العظمية لليدين، والتي لا يتسع المجال لذكرها.

وهناك بعض التشوهات يمكن استعمال بعض السنادات والدعامات لتعديل مسارها، ولكن بعض هذه التشوهات لا تستجيب لمثل هذه الطرق العلاجية فعندئذ لا بد من التدخل الجراحي (مثال على ذلك الأوتار المقطوعة) لا بد من إعادة تصليحها وخياطتها. وهناك عمليات دقيقة مثل نقل الأوتار من مكان إلى مكان آخر وبعد كل عمل جراحي يوضع المريض في سنادات خاصة ويخضع لعلاج طبيعي مقنن.

علاج المرحلة الثالثة، تتميز هذه المرحلة بتحطم كامل في مفاصل الأصابع بشكل عام لذا فإن التحكم في علاج الأنسجة المحيطة (الأربطة والأوتار) لن يكون كافيا. وهناك عمليات يتم إجراؤها تعتمد جميعها بشكل أساسي على مدى محدودية حركة اليد والأصابع مع وجود آلام مزعجة ومزمنة مصاحبة بضعف مستمر في قوة اليدين.

عمليات جراحية

هناك عمليات جراحية لتثبيت المفاصل (أي تلحيمها) وهي مناسبة للمصابين الذين يعانون من آلام مزمنة ولا يحتاجون أو لا يعتمدون في أعمالهم كثيرا على أيديهم مثل أعمال البيع والشراء خلافا لأولئك الذين يمارسون أعمالا مكتبية ويعتمدون على الكومبيوتر مثلا، وكذلك كبار السن الذين لا يعملون بتاتا. وهناك جراحات متقدمة يمكن من خلالها المحافظة على حركة المفاصل وهي تناسب المرضى الذين يحتاجون حركة الأصابع باستمرار مثل عمليات المفاصل الصناعية وهي من العمليات الناجحة وتجرى في كثير من المراكز الطبية العالمية يوميا، وفي المقابل هناك مرضى لا تناسبهم إجراء مثل هذه العمليات، حيث إن هناك تشوهات يصعب التعامل معها جراحيا فعندئذ لا بد من إجراء اللحم الجراحي للقضاء على الألم. وهناك عمليات الرسغ الصناعي (مفصل الكف) وهي من العمليات المتقدمة والحديثة وقد أمكن إجراؤها لدينا حاليا، التي سوف تكون محور حديثنا في الأيام المقبلة.