لا تدرك الأم، وهي تتبع حمية غذائية، أو تمارس رياضة ما للحفاظ على رشاقتها، أنها قد تصيب ابنتها بتشوهات نفسية تلازمها فترات طويلة من عمرها. 

 

وهنا لا يُقصد بأن النظام الغذائي، أو ممارسة الرياضة، هما المسببان لهذه التشوهات النفسية، ولكن المقصود ما جرت عليه العادة من التفوه بعبارات  أو ممارسات سلوكية ترسخ قيماً سلبية لدى الطفلة الصغيرة. فإذا أدركنا أن الانطباع الأكثر أهمية الذي تكونه الفتاة عن نفسها يأتي بالدرجة الأولى من الأم، لعرفنا مدى ضرر ما تتفوه به الأم، أو تقوم به، بشكل تلقائي ويومي أمام طفلتها.

وليس المطلوب من الأم أن تبتعد عن الرشاقة حتى لا تؤثر سلبياً في ابنتها، ولكن يمكن للأم، استبدال عباراتها وسلوكياتها ذات الايحاءات السلبية بأخرى إيجابية تترسخ في نفسية الفتاة الصغيرة.

سبعة  تحذيرات مسلكية

د. جوان كرايسلر، استاذة علم النفس في كلية "كويكيت" بالولايات المتحدة، ترصد سبعاً من هذه العبارات والمسلكيات الأكثر شيوعاً، وتحذر الأم من الوقوع فيها و هي : 

  • اختيار الرداء:

" هل أبدو بدينة في هذا الفستان؟".

تقول د. كرايسلر: "إن طرح هذا السؤال بهذه الكيفية يكون فكرة لدى الطفلة بأن عليها أن تقلق بشأن وزنها وقوامها تماماً كأمها".

وعليه، على الأم أن تدرك أن مهمتها هي أن تجعل ابنتها ترى في عملية اختيار الرداء المناسب مسألة عملية ممتعة، لا مصدراً للقلق، لذلك يجب أن تستبدل هذه العبارة بعبارات أخرى مثل "هل يعجبك لون فستاني؟" أو "ألا تبدو هذه الكنزة ناعمة؟".

 

  •  انتقاد المظهر:

إن تعليقات مثل "أردافي عريضة جداً" أو "بطني أصبح كبيراً" تجعل من الابنة ترى نفسها بلغة الأجزاء، لا كفرد كامل متكامل. وتشرح د. كرايسلر ذلك قائلة "إن الصورة السليمة للجسم ليست ذات صلة بمظهره.

لذلك على الأم التركيز على إمكاناتها وقدراتها الطبيعية، كأن تقول "لقد ركضت اليوم لمسافة ثلاثة كيلومترات" أو "لقد مارست الرياضة لمدة ساعتين، وهذا أمر جيد"، إن مثل هذه العبارات تساعد الابنة على تقدير مواهبها وقدراتها، بدلاً من التركيز على شكلها الخارجي".


  •  المقارنة: 

من أكثر العبارات شيوعاً عبارات المقارنة، كأن تقول الأم: "ليتني أتمتع بقوام رشيق كعارضات الأزياء"، أو "لم لا أبدو نحيلة مثل...؟" وكلها عبارات سلبية، تظهر للابنة أن أمها تعاني نقصاً ما، وهو ما يدفعها للنظر في المرآة بحثاً عن نواحي النقص في شكلها أيضاً.

اعاني مk الشك كثيراً ، في الصلاة في الوضوء والغسل ونظافة الآخرين وكذاك الصحون التي اطبخ او أكل بها ، اضطر لغسلها لأكثر من مرة، وكذلك في الصلاة اعيدها اكثر من مرة والوضوء، هل هذه أعراض وسواس قهري؟ وكيف أتغلب عليها؟

كما أن هذه العبارات تفقد الابنة إحساسها بتميّز أمها وتفردّها، لذلك يجب استبدال هذه العبارات السلبية بعبارات ترسخ في الابنة إحساسها بقيمتها وإمكاناتها.. عبارات تبين لها أن الجمال الداخلي هو الأهم، وأن كل امرأة - بل في حقيقة الأمر كل فرد - لديها ما يميّزها عن الآخرين، ولا يتعلق الأمر هنا بالشكل الخارجي، بل قد يكون موهبة ما أو الروح المرحة، أو المهارة الرياضية.


  •  حديث الأوزان: 

كثيراً ما تتذمّر الأم من عدم مقدرتها على إنقاص وزنها، وتسترسل في ذكر معاناتها لإنقاصه والالتزام بنظام الحمية، ونتيجة مثل هذا الحديث فإنها تغرس هاجس القلق من الميزان والأوزان لدى الابنة.

لذا من الأفضل هنا التركيز على عبارات توحي بمشاعر إيجابية مثل "أليس ركوب الدراجة، رياضة ممتعة؟"، أو "إنني أشعر بتحسّن حالتي النفسية بعد ممارستي لرياضة المشي". وتحذر د. كرايسلر -هنا- من مجاملة الأم لصديقتها بقولها: "إنك تبدين رائعة، هل أنقصت وزنك؟"، فمثل هذه العبارة لن تعني شيئاً للابنة سوى أن "المظهر الرائع" يعتمد على إنقاص الوزن.

 

  •    رفض الاطراء:

تقول د. كرايسلر: " عندما يمتدح أحدهم رشاقتك أو قوامك اشكريه على ذلك ببساطة ولا تصدّيه، أو تظهري عدم تصديقك له، أو أنك تعتبرين عباراته من قبيل المجاملة".

إن إظهار عدم التصديق أو الصدّ يعني -ببساطة- أن الأم ترى نفسها غير جديرة بهذا المديح، وهو ما سينعكس على الابنة، وستعتبر نفسها غير جديرة -هي أيضاً- بالإطراء، أو على أحسن الحالات ستعتقد أن "صد" الثناء يعتبر سلوكاً مهدّياً.


  •    طعام ضار: 

في محاولتها الالتزام بنظامها الغذائي قد تبتعد الأم عن تناول بعض الأطعمة، وهذا أمر طبيعي، ولكن المشكلة تظهر عندما تبدأ الأم بوصف هذه الأطعمة بأنها ضارة يجب الابتعاد عنها، وهذا يجعل من الصعب على الابنة تعلم كيفية الاستمتاع بتناول وجباتها، بل ويرسخ في ذهنها أن الحفاظ على شكلها الخارجي لا يتم إلا من خلال حرمان نفسها من بعض الأطعمة.

والحل يكمن هنا في تعليم الابنة عادات غذائية جيدة، واتباع نظام غذائي متوازن، بدلاً من التركيز على إحصاء السعرات الحرارية في كل نوع من الطعام.


  •    اقتراحات مدّمرة: 

قد لا تكتفي الأم بسلوكها أو بعباراتها السلبية تجاه ذاتها، بل قد يتعدى الأمر إلى انتقاد الابنة ذاتها، وقد يكون الانتقاد بسيطاً لا تدرك الأم مدى تأثيره السلبي في ابنتها، كأن تقترح عليها إنقاص وزنها بضعة كيلو جرامات.

إن مثل هذا الاقتراح يوصل رسالة إلى الابنة بأن الجسم المقبول هو الجسم النحيل فقط، وبالتالي ستحاول الابنة -وهي في طور النمو- التقليل من طعامها، ما قد يسبب لها اضطرابات غذائية.

اقرا ايضاً :

 الاهتمام واللامبالاة وتأثيرهما على سلوك الإنسان

بالطبع، ليست هذه كل العبارات والمسلكيات التي تقع فيها الأمهات -دون قصد- وتؤثر في نظرة الابنة لذاتها ولشكلها، ولكنها نماذج لما يقال ويحدث، وملخص ذلك أنه يجب على الأم أن تتوقف عن الحديث المبالغ فيه عن الشكل والمظهر الخارجي، وتعزز ثقة ابنتها بنفسها من خلال الحديث الإيجابي عن الإنجازات والقدرات.