نبحث طوال حياتنا عن السعادة، نريد أن نشعر بالسعادة في كل لحظة في حياتنا، فمن منا لا يريد أن يشعر بها. لكن يبدو أن الكثير يخطئ في فهم معنى السعادة، والكثير من الناس يعتقد أنها هي النهاية، لذا فالكثير لا يستطيع الوصول لها. لذا هل السعادة غاية أم وسيلة؟ وما هي متطلباتها؟ لذا في هذا المقال سوف نستعرض لكم المعنى الحقيقي للسعادة.

ما هي السعادة؟

السعادة هي حالة عاطفية تتميز بمشاعر الفرح والرضا والقناعة، وهي حالة من المشاعر الإيجابية والرضا عن النفس وعن الحياة، كما يوجد هرمون يسمى هرمون السعادة يفرزه الجسم يجعلنا نشعر بالسعادة.

عندما يتحدث الناس عن السعادة فهم إما يقصدوا السعادة في الوقت الحالي أو السعادة طوال حياتهم، ولأن مصطلح السعادة يميل إلى التوسع، فقام علماء النفس والاجتماع باستخدام مصطلح "الرفاهية الذاتية" عند التحدث عن السعادة، وهذا المصطلح يميل إلى التركيز على المشاعر الذاتية للفرد حول حياته الحاضرة.

للسعادة مكونان أساسيان وهما:

  • توازن المشاعر: يمر الإنسان طوال حياته بمشاعر إيجابية وسلبية وتقلبات مزاجية، فالسعادة تحدث عندما تتفوق المشاعر الإيجابية على المشاعر السلبية.
  • الرضا عن الحياة: يتعلق هذا بمدى رضا الشخص عن جوانب حياته المختلفة مثل العمل والأهل والأصدقاء والعلاقات الشخصية والإنجازات أو أي شيء يعتبره الشخص مهم في حياته.

الحياة ليست سهلة ويمر الإنسان بالعديد من المشاكل والعقبات طوال حياته، لذا فإن طريق الإنسان للسعادة يمر بالعديد من التحديات الصعبة التي ينبغي تجاوزها ليصل للسعادة.

للمزيد: طرق زيادة هرمون السعادة

ما هي تحديات السعادة؟

تحديات السعادة تكمن في طريقة فهم لشخص وتعامله مع العقبات التي يمر بها ومن هذه التحديات:

  • التقدير الخاطئ: نظرة المرئ وتقديره للأشياء بشكل خاطئ تجعل وصوله للسعادة أمر صعب، مثل حينما يرى أن سعادته في المال في المال أو الوظيفة وغيرها من الأشياء.
  • عدم طلب الدعم الإجتماعي: لن يكون الإنسان سعيداً أبدا بمفرده، دائماً يسعى لمشاركة السعادة مع الآخرين، فالدعم الاجتماعي من الأهل والأصدقاء والأحباء مهم للغاية لنشعر بالسعادة. وجدت إحدى الدراسات أن الدعم الاجتماعي مسئول عن 43% من مستوى السعادة عند الشخص.
  • رؤية الأمور بمنظور تشاؤمي: التفكير في الجانب السلبي من الأمور والتفكير السوداوي باستمرار يعيق الشعور بالسعادة، فيجب أن تكون متفائل حتى تستطيع أن تشعر بالسعادة حتى في أحلك الظروف.
  • زيادة الأعباء والمسئوليات: بعض الناس حينما يتعرضون لمسئوليات وضغوطات كثيرة يفقدون إحساسهم بالسعادة، فيجب معرفة أنه لا مفر من تحمل المسئولية في الحياة، والبعض الآخر يشعر بالسعادة في تحمل مسئولية من يحبهم ويستطيع التعامل معها.

يعاني الكثير من الناس من عدم شعورهم بالسعادة حتى بعد تحقيق أحلامهم وطموحاتهم بالرغم من عملهم الشاق.

للمزيد: 10 أطعمة تجلب السعادة وتقاوم الاكتئاب.

هل السعادة غاية أم وسيلة؟

الإجابة على تساؤل هل السعادة غاية أم وسيلة صعب قليلاً لأن الناس مختلفة والأشياء التي تجعل البعض سعيد ليس بضرورة تسعد الآخرين أيضاً. لكن السعادة ليست غاية أو هدف نصل إليه، إنما هي وسيلة لكي نصل إلى ما نرغب به.

لنوضح ذلك قليلاً، ترى بعض الناس يربطون سعادتهم بالحصول على ترقية في العمل، فيجتهدون ويعملون بجد ويتناسون حياتهم الاجتماعية وأسرتهم في سبيل الوصول لهذه الترقية، ولكن للأسف حينما يصلوا لها لا يشعروا بالسعادة التي كانوا يتمنونها. والبعض الآخر يربط سعادته بالنجاح والتفوق في الامتحانات والدراسة، فتجدهم يذاكروا طول اليوم دون ملل أو كلل دون أن يروا أهلهم أو أصحابهم ويظنون أنهم سوف يشعروا بالسعادة بعد النتيجة، وتأتي النتيجة ولا يشعرون بالسعادة أيضاً. والكثير يربط سعادته بالمال أو الصحة أو الزواج، لكن هل يشعر الناس بالسعادة حين يحققوا هذه الأشياء؟

السعادة في الرحلة التي نمر بها للوصول إلى ما نريده، فسعادة الطالب تكون طوال السنة في المذاكرة والتعب لكي نصل للنجاح وليست في النتيجة فقط، وسعادة العامل في تعبه ومشقته طوال عمله. لا يجب ربط السعادة بأي شيء لأننا بذلك نؤذي أنفسنا، فلو ربط الشخص سعادته بشيء ووصل له وأصبح سعيد هل سيصبح تعيس مرة أخرى بعد زوال هذا الشيء؟ وهل طوال فترة وصوله لهذا الشيء لن يكون سعيد حتى يصل إليه؟ أمر غريب.

العديد من الفلاسفة وعلماء الاجتماع أجمعوا أن السعادة هي أسلوب حياة وحالة مشاعر يجب أن يحافظ عليها الشخص حتى يصل إلى هدفه ومبتغاه، ولا يجب أن يجعلها هي الهدف في حد ذاته، ووجد العلماء أن الأشخاص الذين يقدرون السعادة بشكل كبير على أنها غاية وهدف يسعون إليه، يميلون إلى الرضا بشكل أقل عن حياتهم. السعادة داخل الشخص نفسه فلا يجب أن يبحث عن شيء وهو أساساً بداخله ما عليه سوى أن يعرف كيف يستغله ليصل إلى ما يريد. لا ينبغي ربط السعادة بشيء أبدا لأن بزوال هذا الشيء ستزول السعادة. بالرغم من أن السعادة مختلفة من شخص لآخر لكن هناك بعض المتطلبات التي تحتاجها السعادة.

{question]

ما هي متطلبات السعادة؟

هذا ليس منافياً لكون السعادة ليست هدفاً ولكن هذه بعض العوامل التي قد تساعدنا للشعور بالسعادة في حياتنا ومنها:

  • الطموح وتحديد الأهداف في الحياة، فالأشخاص الطموحين يشعرون بالسعادة أكثر من الأشخاص البؤساء، فهل يستطيع الشخص البائس الشعور بالسعادة؟
  • الاستمتاع بكل لحظة من الحياة، توضح العديد من الدراسات أن الأشخاص الذين يفرطون في التركيز على تفاصيل كل الأحداث يفقدون متعة الحياة وسعادتها، لذا ليست كل التفاصيل مهمة فيجب على الشخص الاستمتاع لكل لحظة يعيشها.
  • تجنب المشاعر السلبية، لن يكون الإنسان قادر على الشعور بالسعادة مادامت المشاعر السلبية مسيطرة عليه، ويجب تعلم كيفية التعامل معها.
  • الاعتماد على النفس، ولا نقول أن السعادة في الوظيفة أو المال ولكن حينما يستطيع الشخص أن يعتمد على نفسه فهذا يزيد من شعور حب الذات وتقديرها ويعمق شعور السعادة بداخله.
  • المحافظة على صحة الجسم، فمنطقياً المريض لن يستطيع أن يستمتع بحياته بالرغم من أن بعض المرضى يرون السعادة في مرضهم، لكن الصحة تشعر الإنسان بالسعادة.
  • الحياة الاجتماعية، الأهل والأصدقاء والعلاقات الاجتماعية الأخرى مهمة جداً لكي يستطيع الإنسان أن يشعر بالسعادة، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، وكما أن الوحدة تجعل من الصعب جداً على الإنسان أن يشعر بالسعادة.
  • الحب، قد يختلف البعض فيه هذه النقطة لكن وبالرغم من ذلك فإن الحب يجعل الشخص يشعر بالسعادة، فرؤية الشخص لحبيبه وتحدثه معه يزيد من سعادته.
  • القيم الأخلاقية، الأخلاق والالتزام بعادات وتقاليد المجتمع التي تعيش فيه يحسن من شعور السعادة بداخلك.
  • الخروج من المنزل والاستمتاع مع الأصدقاء يزيد من الشعور بالسعادة.
  • البحث عن الهوايات والشغف في مجالات الحياة المختلفة والتطور فيها تعمق إحساس السعادة داخل الإنسان.
  • البعد عن الأنانية وتفضيل الآخرين والاهتمام بهم يشعر الشخص بالسعادة حتى في أصعب المواقف.

للمزيد: فوائد العطاء النفسية والعصبية

ما هي تأثيرات السعادة؟

السعادة مهمة جداً في الحياة لذا فلها العديد من التأثيرات الإيجابية ومنها:

  1. تزيد الرضا عن النفس وعن الحياة.
  2. تزيد من قوة ومرونة المشاعر.
  3. ترتبط بالصحة الجيدة وتقلل من الإصابة بالأمراض لتقويتها للجهاز المناعي.
  4. تزيد من القدرة على التعامل مع التوتر والضغط.
  5. تزيد فرص النجاح في الحياة.
  6. تزيد من قوة العلاقات والصداقة.
  7. تزيد من فعالية الشخص وانتاجيته.

في النهاية السعادة مختلفة من شخص لآخر، فلا يجب على الشخص أن يبحث عن سعادته في أسباب سعادة الآخرين، بل يجب عليه البحث في نفسه عما يجعله سعيداً وأن يجعل السعادة اسلوب حياة لكي يستطيع أن يتخطى كل المشاكل والعقبات التي سيواجهها في حياته حتى يصل إلى هدفه ومبتغاه. فالسعادة ليست غاية وإنما وسيلة للحياة.

اقرا ايضاً :

الغيــرة وتداعياتها النفسية والاجتماعية