في فبراير من هذا العام، وردت الأخبار، عن فيروس كورونا، وبعد وصف العالم له، بالوباء، وعدم النجاح في توفير علاج له حتى الآن، انصّبت نصائح منظمة الصحة العالمية، على غسل اليدين بالماء والصابون باستمرار. وأنا أكتب هذا المقال، بلمسات خفيفة على لوحة المفاتيح، بأطراف الأصابع، كم مرة في هذا اليوم فقط، تُستخدم الأصابع؟

كيف تقوم هذه الأصابع بوظيفتها، وهي تُخلل الماء والصابون في راحة اليد، تأمل ماذا لو أصاب هذه الأصابع الوهن، لو فقدت الإحساس، لم تستطيع القبض على الأشياء، فقدت القدرة على الثني؟ الإجابة لكل ذلك هي، تعطُل الحياة.

وما كل هذه التأملات سوى أعراض متلازمة عظام الرسغ (متلازمة النفق الرسغي)، والمسئول عن كل هذا الإعجاز، عصب دقيق من مجموعة أعصاب، لا تُرى بالعين المجردة، فسبحان الخالق المبدع.

إن متلازمة عظام الرسغ، أو ما تُسمى بمتلازمة الممر أو النفق الرسغي، هي الحالة المرضية، التي ينتُج عنها آلام وتنميل وفقدان الشعور في الذراع واليد.

تنشأ بالأساس متلازمة عظام الرسغ، عند حدوث ضغط على العصب المتوسط الذي يمر من خلال الرسغ. تزداد حدة متلازمة الممر الرسغي، مع الوقت، ولذلك فرصة السيطرة والتحكم في الآلام كبيرة، إذا اكتشفت وعولجت مبكراً. كما أن علاجها مبكراً، من الأمور اليسيرة، لكن تجاهل أعراضها وإهمال العلاج، يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، منها تلف الأعصاب بمنطقة الرسغ، ولا ينفع معها سوى التدخل الجراحي.

موضع نفق أو ممر العصب المتوسط في الرسغ 

يشبه ذلك الممر، الدهليز الضيق في رسغ اليد، عرضه حوالي 2 سم محاط بالعظام الموجودة في رسغ اليد. تمر من فوق هذا الدهليز حزمة من الأنسجة الضامة، مكونة الرباط المستعرض، وهو رباط قوي يجعل الحركة في الرسغ محدودة، وهذا النفق، يمر به العصب المتوسط وأوتار الرسغ التي توفر قدرة الأصابع على الإنثناء، ومن مهام هذا العصب نقل المثيرات الحسية، في الأصابع الثلاثة من ابتداءاً من الإبهام حتى الأوسط.

أسباب حدوث متلازمة النفق الرسغي

يعد حدوث ضغط على العصب المتوسط، بسبب اختناق هذا الممر، أهم الأسباب، أما أسباب هذا الاختناق والضغط على العصب المتوسط فتعود للعوامل الآتية:

  • العامل الوراثي: هناك أفراد ولدوا والممر الرسغي عندهم أضيق من الآخرين، وهذه الحالة الوراثية تنتقل من الآباء للأبناء.
  • الإفراط في استخدام المعصم: تأدية نفس الحركات لفترات طويلة، لاعبي تنس الطاولة كمثال.
  • هرمونات الحمل: من الملاحظ عند الإناث، في فترات الحمل، تؤدي الهرمونات الأنثوية في هذه الفترة إلى تورم حول المعصم، ومن ثم زيادة الضغط على العصب المتوسط.
  • الحالة الصحية: بعض الأمراض تسبب تورمات بالجسم، فإذا حدث تورم حول المعصم، تظهر أعراض متلازمة عظام الرسغ، مثل التهابات المفاصل، والسُكّر.

اقرا ايضاً :

متلازمة العصب الزندي

أعراض متلازمة عظام الرسغ

تبدأ الأعراض في متلازمة عظام الرسغ تدريجياً، تتميز بأنها تهاجم اليد وتختفي، ثم تعاود الظهور، لكن عند وقت مُعين، تُلازم المريض هذه الأعراض. ومنها:

  • آلام وتنميل في أصابع السبابة والوسطى والإبهام.

اقرأ أيضاً: تنميل أصابع اليدين

  • صعقات عارضة في الأصابع الثلاثة.
  • فقدان قدرة الكف والأصابع على بعض الحركات مثل الكتابة.
  • الوهن بالذراع، وعدم القدرة على القبض على الأشياء.

معظم هذه الأعراض تظهر واضحة مع حركة المعصم، مثل استعمال التليفون، أو قيادة السيارة.

تشخيص متلازمة عظام الرسغ (النفق الرسغي)

الفحص الظاهري

يبدأ الطبيب بمعرفة تاريخ ظهور الأعراض، وتاريخ العائلة، من ناحية وجود الحالة في أحد الأبوين، يلاحظ الطبيب حالة اليد كلها، والمعصم تحديداً، وعمل اختبارات بدنية من خلالها يتمكن من التشخيص الدقيق، ومن هذه الاختبارات:

  • الضغط على العصب المتوسط بطول الذراع وصولاً للمعصم وتسجيل ردة الفعل.
  • تسجيل أي ضعف في العضلات حول إصبع الإبهام.
  • التأكد من حساسية الأصابع لحاسة اللمس. 

لمزيد من الدقة في التشخيص، يلجأ الأطباء إلى:

الموجات الفوق صوتية

 تستند فكرة عمل الموجات الفوق الصوتية إلى، انكسار الموجات الصوتية أثناء مرورها بالأنسجة والعظام في المعصم، بهدف التأكد من حدوث ضغط على العصب المتوسط في هذه المنطقة.

التصوير بالأشعة السينية

يعتمد الأطباء على الأشعة السينية، عند وجود شك في أسباب أخرى، غير متلازمة عظام الرسغ، مثل التهابات المفاصل، أو كسور في عظام المعصم، أو تمزق في أربطة المعصم.

التصوير بالرنين المغناطيسي

يمتاز هذا النوع من التصوير بالرنين المغناطيسي، بالدقة العالية والوضوح، مما يوفر للطبيب ملاحظة، حالة العصب نفسه، ويقرر ما إذا كان السبب ضغط على العصب المتوسط، أو إصابة العصب دون حدوث ضغط عليه.

اختبارات العصب الكهربية

تعد هذه الاختبارات مهمة لمتابعة، الإشارات العصبية الحسية، وقدرة العصب على توصيلها من المخ، أو نقلها من مستقبلات الإحساس في الأصابع.

اختبار العضلات الكهربية

تسهم أيضاً الإشارات الكهربية في عضلات الذراع، وحول الإبهام، في التأكد من سبب الإصابة، إذا كان من الأعصاب أم من العضلات.

علاج متلازمة الممر أو النفق الرسغي

علاجات بدون جراحة

في الحالات الخفيفة، وفي بداية الاكتشاف، من الممكن أن تفيد الخطوات التالية:

  • ارتداء سوار حول الرسغ، أو دعامة لتمنع الضغط على العصب.
  • وضع جبيرة على المعصم ليمنع انثناء الرسغ، والعمل على المحافظة على الرسغ مستقيماً.
  • مضادات الالتهاب، عند زيادة حدة الألم، تساعد مضادات الالتهاب في التخفيف من الم، مثل النابروكسين، والإيبوبروفين.
  • سرعة التوقف عن الأنشطة التي تضغط على المعصم، أو حتى تغييرها بنشاط آخر.
  • العمل على بعض التمارين التي تسهل حركة العصب المتوسط داخل ممر الرسغ، مثل تمارين الانزلاق العصبي.
  • الحقن داخل الممر الرسغي، بالكورتيزون، أو الحقن الستيرويدية، مع العلم أن تأثيرها وإن كان لفترة محدودة، لكنها تساهم في السيطرة على الألم والتحكم فيه.

علاجات جراحية

يتوقف اتخاذ هذا القرار، على حجم ما يتعرض له مريض متلازمة عظام الرسغ من آلام لا يمكن إيقافها، والخوف من مضاعفاتها لاحقاً إذا ما استمرت دون وجود علاج، يوجد أكثر من طريقة جراحية، لكن هدفها كلها، تقليل الألم، ومنع الضغط الواقع على العصب المتوسط، في الممر الرسغي. وبرغم وجود طرق كثيرة، لكن آليتها تكاد تكون واحدة، وهي إزالة جزء من الرباط الواقع في الرسغ، بغرض توسيع الممر الرسغي، لوقف الضغط الحادث على العصب المتوسط.

يقوم الجراح، بعمل فتحة في معصم اليد، أثناء وقوع المريض تحت تأثير التخدير، سواء كان التخدير كلي أو موضعي في بعض الحالات. ثم يبدأ في التعامل مع الرباط المستعرض، بغرض تخفيفه، أو إزالته، غالباً ما تكون تقنيات الفتح في المعصم، عن طريق المنظار، وبالنهاية سواء الجراحة بالمنظار، أو جراحة يدوية تكون النتائج واحدة.

اقرأ أيضاً: تطور جراحة المناظير

إعادة التأهيل مريض متلازمة عظام الرسغ

تبدأ تمارين فترة التعافي بعد الجراحة سريعاً، محاولة رفع اليد وتحريك الأصابع، لتنشيط الدورة الدموية. في هذه الفترة، يزداد احتمال حدوث تورم، أو تيبُس، وبعض الألم لفترة تصل للشهر، تتراوح المدة التي يرجع فيها المعصم لطبيعته، بين شهر إلى ثلاثة أشهر، وبعض الحالات تصل لأقصى تقدير ستة أشهر. يُسمح باستخدام اليد، وإن كان بطريقة معتدلة، من المفيد كذلك ارتداء بعض الدعامات.

مضاعفات متلازمة عظام الرسغ

من المحتمل في بعض الحالات النادرة، حدوث مضاعفات بعد الانتهاء من العملية الجراحية مثل:

  • حدوث نزيف داخلي في منطقة الرسغ.
  • انتقال العدوى في فترة التعافي، سواءاً بالمستشفى، أو أثناء الرعاية المنزلية.
  • حدوث تحول في آلام العصب بزيادتها، على عكس المتوقع بعد الجراحة>

اعاني من الام شديدة بالجهة اليمنى اسفل الكتف تمتد الى الظهر

توقعات شفاء مريض متلازمة النفق الرسغي

كما تدرجت الأعراض في البداية، كذلك يكون التعافي تدريجياً بعد الإنتهاء من الإجراءات الجراحية، وقد يصل إلى سنة كاملة. من معيقات التعافي السريع، أن يكون الفرد مصاباً، بالتهابات في المفاصل، أو في الأوتار.

تشير الاحصائيات إلى أن أكثر من 95% من الحالات، تتعافى، وعدد قليل جداً، يحتاج إلى إعادة الجراحة مرة أخرى، أو إجراء جراحات إضافية.