تُعد تقلبات المزاج من المشكلات الشائعة التي يمكن أن تواجهها المرأة خلال مختلف مراحل حياتها، الأمر الذي يمكن أن يرتبط بطبيعة الهرمونات لديها، فضلًا عن الأسباب الأخرى المرتبطة بصحتها العقلية. [1]

نناقش في المقال التالي أسباب تقلب المزاج عند النساء ومدى تأثير هرمون الإستروجين على الحالة المزاجية للمرأة.

تقلب المزاج عند النساء

تعرف التقلبات المزاجية عند النساء على أنها تحولات كبيرة في الحالة العاطفية للمرأة، والتي يمكن أن تبدأ فجأة ودون سابق إنذار ومن ثم تختفي بالسرعة نفسها. [1][2]

تُعد التقلبات المزاجية أمرًا مختلفًا عن تغيرات الحالة المزاجية التي تعاني منها النساء في الحياة اليومية. فمن الطبيعي أن تتغير المشاعر مع مرور الوقت وفي بعض الأحيان، يمكن أن تتغير المشاعر بسرعة استجابة لموقف صادم أو مزعج تتعرض له السيدة. [1]

أما بالنسبة للتقلبات المزاجية التي نتحدث عنها في هذا المقال فهي تكون عادةً أكثر حدة وقد لا يكون لها علاقة بأحداث الحياة اليومية. [1]

تميل الإناث إلى أن تكون أكثر عرضة للتقلبات المزاجية مقارنة بالذكور، فهي أكثر تأثرًا بالتغيرات الهرمونية المرتبطة بالدورة الشهرية، والحمل، وانقطاع الطمث. [3]

هرمون الإستروجين ومزاج المرأة

تعزى معظم أسباب تقلب المزاج عند النساء إلى تأثير مستويات هرمون الإستروجين على الحالة المزاجية للمرأة. فالبرغم من أن هذا الهرمون لا يُعد مسؤولًا عن تنظيم الحالة المزاجية، إلا أنه يعمل في كل مكان في الجسم، بما في ذلك أجزاء الدماغ التي تتحكم في المشاعر. [4]

ويمكن أن تشمل تأثيرات الإستروجين على الدماغ والتي يمكن أن يكون لها دور في حدوث تقلب المزاج عند المرأة ما يلي: [4]

  • زيادة هرمون السيروتونين، المعروف باسم هرمون السعادة، وعدد مستقبلاته في الدماغ.
  • تعديل إنتاج وتأثيرات الإندورفين، وهي مواد كيميائية تساعد على الشعور بالسعادة في الدماغ.
  • حماية الأعصاب من التلف بالإضافة إلى تحفيز نمو الأعصاب.

لكن إن كيفية تأثير هرمون الاستروجين على العاطفة غير واضحة إلى الآن، كما أنه من المستحيل التنبؤ بما تعنيه هذه التأثيرات، حيث أن تصرفات الإستروجين معقدة للغاية بحيث يتعذر على الباحثين فهمها بشكل كامل. [4]

فعلى سبيل المثال، على الرغم من التأثيرات الإيجابية للإستروجين على الدماغ والمزاج، إلا أن الحالة المزاجية للعديد من النساء تتحسن بعد انقطاع الطمث، عندما تكون مستويات الإستروجين منخفضة للغاية. كما يمكن أن يؤثر الاكتئاب والقلق على النساء في سنوات إنتاج هرمون الاستروجين بشكل أكبر مقارنة بالرجال أو النساء بعد انقطاع الطمث. [4]

ويمكن أن يعود كل ذلك إلى أن هناك أنواع أخرى من الهرمونات التي يمكن أن يكون لها دور في تنظيم الحالة المزاجية عند المرأة، بما في ذلك هرمون البروجستيرون، وهرمونات الغدة الدرقية، وهرمون الكورتيزول. [5]

أسباب تقلب المزاج عند النساء

تتعدد أسباب تقلب المزاج عند النساء، وفيما يلي سنركز على الأسباب الخاصة بالنساء فقط والتي يمكن أن يكون لها ارتباط بالتغيرات الهرمونية التي تحدث خلال مختلف فترات حياتهن:

متلازمة ما قبل الحيض

تعاني أكثر من 90% من الإناث من بعض الأعراض، منها التقلبات المزاجية، خلال أسبوع إلى أسبوعين قبل بدء الدورة الشهرية. لكن في حال كانت الأعراض شديدة بما يكفي للتأثير على روتين الحياة، حينها يتم تشخيص إصابة الأنثى بما يسمى بمتلازمة ما قبل الحيض. [1][2][4]

ومن الممكن أن تحدث أعراض متلازمة ما قبل الحيض نتيجة للتغيرات في مستويات هرمون الإستروجين، ففي الأيام والأسابيع التي تسبق الدورة الشهرية، ترتفع وتنخفض مستويات هرمون الاستروجين لدى المرأة بشكل كبير، ومن ثم تستقر بعد يوم أو يومين من بدء الدورة الشهرية. [2]

وبالإضافة إلى كونها سببًا من أسباب تقلب المزاج عند النساء، يمكن أن تسبب متلازمة ما قبل الدورة الشهرية بعض الأعراض الأخرى، مثل: [1][3]

  • الانتفاخ.
  • الصداع.
  • التعب.
  • زيادة الشهية.
  • تورم أو حنان في الثديين.
  • الإمساك أو الإسهال.
  • اضطرابات النوم، والتي تتضمن الأرق أو النوم بشكل أكثر من المعتاد.

ويجدر الذكر إلى أن شدة هذه الأعراض يمكن أن تتغير من شهر لآخر، كما يمكن أن تتفاقم أو تتحسن مع التقدم في السن. بشكل عام إن ما يقارب 20 - 40% من النساء يمكن أن يعانين من متلازمة ما قبل الحيض في مرحلة ما من حياتهن. [2][4]

الاضطراب المزعج السابق للحيض

تتضمن أسباب تقلب المزاج عند النساء أيضًا الإصابة بالاضطراب المزعج السابق للحيض، أو ما يعرف أيضًا باضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي، وهو أحد الأنواع النادرة والشديدة من متلازمة ما قبل الحيض، والذي يمكن أن يتسبب بأعراض شديدة لدى المرأة، بما فيها: [1][2]

  • التغيرات الشديدة في المزاج.
  • الاكتئاب الشديد.
  • الهيجان والعصبية المستمرة والشديدة.
  • التوتر أو القلق.
  • صعوبة التركيز.
  • التعب.
  • اضطرابات النوم.
  • قلة الاهتمام بالأشياء التي تستمتع بها المرأة عادةً.
  • مشاعر اليأس أو الأفكار الانتحارية.

يؤثر الاضطراب المزعج السابق للحيض على 5% من النساء في سن الإنجاب. [2][3]

الحمل

تعد التقلبات المزاجية من أشهر الأعراض والعلامات الحمل المبكرة، والتي يمكن أن تحدث خلال الأسابيع الأولى بعد الحمل. ويمكن أن يعود السبب في ذلك إلى التغيرات في مستوى هرموني الإستروجين والبروجستيرون التي تحدث أثناء الحمل والتي يمكن أن تسبب تغيرات مفاجئة في المزاج. [1][5]

أيضًا، غالبًا ما تواجه النساء الحوامل تغيرات جسدية وضغطًا عاطفيًا يمكن أن يجعلها أكثر عرضة للتغيرات المزاجية والعاطفية. [2]

من الممكن أن تكون تقلبات المزاج عند المرأة أكثر وضوحًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل ومن ثم تستقر بمجرد أن يتكيف الجسم مع هذا التغير في مستويات الهرمونات. ومع ذلك، يمكن أن تعاني بعض النساء من تقلب المزاج طوال فترة الحمل. [2][5]

الولادة

تحدث لدى المرأة العديد من التغيرات الهرمونية خلال الأيام الأولى ما بعد الولادة، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى معاناتها من التقلبات المزاجية، والتي تتضمن المشاعر التالية: [4][5]

  • الإحباط.
  • الانزعاج.
  • القلق.

ومن الممكن أن تشتد هذه الأعراض وتستمر لدى المرأة لفترات أطول، وهذا ما يمكن أن يدل على إصابتها بحالة تسمى اكتئاب ما بعد الولادة. [4][5]

سن اليأس 

يعتبر وصول المرأة لسن اليأس أحد أسباب تقلب المزاج عند النساء المحتملة أيضًا، والذي يشير إلى الوقت الذي ينقطع فيه الحيض ويتوقف بشكل طبيعي، وعادة ما يحدث ذلك بعد تجاوز المرأة لعمر الأربعين أو الخمسين. ليس ذلك فقط، يمكن أن تعاني النساء من التقلبات المزاجية خلال الأشهر والسنوات ما قبل مرحلة انقطاع الطمث. [1][3]

يحدث خلال فترة انقطاع الطمث وما قبلها تقلبات في مستويات هرموني الإستروجين والبروجستيرون، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من الأعراض، بما في ذلك تقلب المزاج والاكتئاب. [1][4][5]

ومن الأعراض الأخرى لفترة انقطاع الطمث وما قبلها ما يلي: [2][3]

  • الهبات الساخنة.
  • انخفاض الرغبة الجنسية.
  • الأرق.

للمزيد: أعراض سن اليأس النفسية عند النساء

أسباب أخرى لتقلب المزاج عند النساء

لا تقتصر أسباب تقلب المزاج عند النساء فقط على تلك التقلبات المرتبطة بالتغيرات الهرمونية، وإنما يمكن أن تشمل أيضًا ما يلي:

  • الأمراض العقلية أو النفسية

تسبب بعض الأمراض العقلية تقلبات مزاجية عند المرأة، ومنها: [1][2]

  • اضطراب الشخصية الحدية.
  • الاضطراب ثنائي القطب.
  • الاكتئاب.
  • اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.

والجدير بالذكر أنه في بعض الأحيان يمكن أن تزداد الأعراض الخاصة بهذه الأمراض سوءًا قبل الدورة الشهرية، وهي حالة تعرف باسم تفاقم الأعراض ما قبل الحيض (بالإنجليزية: Premenstrual Symptom Exacerbation). [1]

  • الإجهاد والتوتر

إن ما تتعرض له المرأة من توتر وقلق خلال بعض فترات حياتها يمكن أن يؤثر على صحتها العقلية والنفسية ويتسبب بتغيرات حادة في مزاجها. [2][6]

  • انخفاض هرمونات الغدة الدرقية

تنتج الغدة الدرقية العديد من الهرمونات التي يمكن أن تؤثر على الصحة العقلية، فمثلًا يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات هرمون ثلاثي يودوثيرونين (T3) إلى معاناة المرأة من القلق والاكتئاب. [2][5]

  • ارتفاع مستويات الكورتيزول

يمكن أن يحدث تقلب عند المرأة نتيجة ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول، أو ما يعرف باسم هرمون التوتر، حيث يؤدي ارتفاع مستويات هذا الهرمون إلى معاناة المرأة من التهيج والاكتئاب. [5]

  • قلة النوم

تتضمن أسباب تقلب المزاج عند النساء أيضًا عدم النوم لساعات كافية، حيث يٌعد النوم مهمًا لصحة الدماغ وإنعاش نفسية الفرد، ويمكن أن يؤدي عدم النوم إلى شعور المرأة بالغضب والانزعاج المستمر. [6]

كيف تحافظ الحامل على صحتها في رمضان؟ وهل هناك نصائح محددة للمرأة الحامل التي ترغب في الصوم؟ علمًا أن الطبيبة أخبرتني أنني بصحة جيدة ويمكنني الصوم

أدوية تسبب تقلب المزاج عند النساء

تتضمن أسباب تقلب المزاج عند النساء أيضًا تناول بعض أنواع الأدوية، أشهرها حبوب منع الحمل وغيرها من وسائل منع الحمل التي تحتوي على هرموني الإستروجين والبروجستيرون. [1]

ومن أنواع الأدوية الأخرى التي يمكن أن تكون سببًا لتقلب المزاج عند المرأة: [1][6]

  • أدوية علاج الاضطرابات المرتبطة بالمزاج.
  • مضادات الاكتئاب.
  • الستيرويدات، خصوصًا عند استخدام جرعات عالية منها.

ومن الممكن أن تكون تقلبات المزاج المرتبطة باستخدام هذه الأدوية خفيفة أو تزول بمرور الوقت، وفي بعض الأحيان يمكن أن تستمر طوال فترة استخدام الدواء. [1]

نصيحة الطبي

تتعدد أسباب تقلب المزاج عند النساء منها التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال فترة ما قبل الحيض، أو أثناء الحمل، أو بعد الولادة، كما يمكن أن يحدث نتيجة لمعاناة المرأة من أمراض ومشكلات نفسية. ولهذا من المهم مراجعة الطبيب في حال معاناة المرأة من تقلبات مزاجية شديدة وبشكل مستمر للبحث في أسباب المشكلة وعلاجها.

كما بإمكانكِ الآن الاستفادة من خدمة الاستشارات الطبية عن بعد التي يوفرها موقع الطبي على مدار 24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع للإجابة عن أية استفسارات بخصوص ذلك.

اقرا ايضاً :

استعادة الأم لرشاقتها بعد الولادة