الزواج مرحلة مهمة في حياة كل إنسان، إذ يرتبط الزوجان ببعضهما حتى يحققا التآلف والمحبة، ناهيك عن أن الحياة الزوجية هي أساس ومدرسة الأجيال الجديدة، والأسرة هي العامل الأكبر في توجيه الشباب والجيل وصلاحه، ومن غير المنطقي أن تتحول حياة الفتاة أو الشاب بعد الزواج إلى كآبة وحزن، بدل من أن تكون حياتهم مليئة بالسعادة والاستقرار.

ولكن ذلك يحدث بالفعل في بعض الأحيان. إذ تشير العديد من الدراسات الإحصائية الحديثة إلى أن هناك واحدة من كل عشر نساء متزوجات حديثاً، تصاب باكتئاب ما بعد الزواج. وهذا الأمر ليس محصوراً فقط على المرأة، بل يمكن للرجل أيضاً أن يصاب باكتئاب ما بعد الزواج، ولكن إصابته تكون بنسبة أقل بكثير من إصابة المرأة.

في هذا المقال سوف نتطرق إلى توضيح أعراض اكتئاب ما بعد الزواج، والعوامل التي تؤدي إلى الإصابة به. بالإضافة إلى ذكر بعض النصائح والحلول التي يمكن اتباعها للوقاية والتخلص من هذا الاكتئاب.

اكتئاب ما بعد الزواج

ترسم العرائس قبل الزواج صوراً خيالية عنه والحياة الوردية بعيداً عن الواقع الذي قد يكون مليئاً بالصعوبات والعقبات والتي يمكن تجاوزها بالتفاهم والمودة، مما يرفع سقف التوقعات وقد يسبب اكتئاباً ما بعد الزواج عند التعرض لأول مشكلة، فاكتئاب ما بعد الزواج (بالإنجليزية: Postmarriage Depression or Postnuptial Blues) هو حالة يمر بها بعض الأزواج يعاني فيها المصاب من حزن، وملل شديد، واضطرابات في النوم والأكل وغيرها من أعراض الاكتئاب.

يعتبر اكتئاب ما بعد الزواج حالة مرضية يحتاج الشخص فيها إلى الذهاب إلى طبيب لتشخيص حالته والعمل على علاجها، في حال تجاوزت الأعراض وقتاً محدداً. فالحزن والقلق الذي يعاني منه بعض الأشخاص بعد الزواج، والذي يدوم لمدة أسبوع إلى أسبوعين، يعتبر طببعياً ولا يطلق عليه اكتئاب.

العوامل التي تؤدي للإصابة باكتئاب ما بعد الزواج

من الأسباب والعوامل التي يعتقد بأن لها دوراً كبيراً في إصابة الشخص باكتئاب ما بعد الزواج، ما يلي:

  • البعد الجغرافي عن الأهل وفقدان وجود الأهل والأصحاب في بعض المواقف.
  • التغيير الجذري في المنزل الجديد والقوانين.
  • الاختلاف في الثقافة، والفكر، والرأي بين الزوجين وعائلاتهم.
  • مواجهة العادات والتقاليد الجديدة.
  • المسؤوليات والواجبات التي تقع على عاتق كلا الزوجين.
  • الشعور بالنقص وعدم الثقة بالنفس حول القدرة على تحمل هذه المسؤوليات والواجبات.
  • التوقعات البعيدة عن الحقيقة والواقع، فيما يخص الزواج والحياة الزوجية، والصور الخيالية عن زوج المستقبل.
  • غياب التأهيل، والتوعية، والتثقيف حول معنى الزواج والهدف منه.
  • الشعور بالوحدة والخمول بعد انتهاء مراسم الزفاف المليئة بالبهجة والسرور، والشوق للاهتمام الكبير الذي تلقاه الزوجان قبل الزفاف.
  • الشعور بالملل بعد أن وضع الزوجان كل طاقتهما ووقتهما وتفكيرهما في التجهيز لحفل الزفاف الذي ينتهي خلال ساعات قليلة، بعد أن كان بالنسبة لهما هدفاً نهائياً ولم يكن مجرد بداية لحياة جديدة.
  • الضغط النفسي والتفكير الدائم في حفلة الزفاف وشهر العسل.
  • الأعباء الاقتصادية والمالية التي تقع على عاتق الزوج والزوجة من تكاليف الزواج، إذ قد تهدد كثرة الديون بعد الزواج راحة الزوجين، لذلك من المهم التركيز على الصراحة بين الطرفين، وتنظيم الأعباء المادية.
  • الضغط الاجتماعي، وتدخل الأهل في قرارات الزوج والزوجة وحياتهما، والأسئلة المستمرة والملحة التي قد تواجهها العروس من المحتمع، كموعد إنجاب الأطفال على سبيل المثال.
  • صعوبة التواصل وانعدام التوافق الفكري بين الزوجين.
  • الاعتقاد بأن الزواج هو الحل الجذري لكل المشاكل السابقة، واللجوء إليه للهروب من بعض ضغوطات الحياة، مثل البحث عن وظيفة جديدة.
  • الزواج القسري والمبكر، حيث أشارت دراسة أقامها فريق البحث النفسي التابع لمنظمة الصحة العالمية (بالإنجليزية: World Health Organization, WHO) إلى أن 75% من الفتيات اللواتي تزوجن في سن مبكر أو اللواتي أجبرن على الزواج من مغتصبيهن، يعانين من اكتئاب حاد بعد الزواج.
  • مشاكل في العلاقة الحميمية التي تشكل نقطة رئيسية في الزواج، ويرتبط بذلك التباعد أو التقارب بين الطرفين، لذلك لا بد حل هذه المشاكل بين الزوجين واستشارة طبيب إن استدعى الأمر ذلك.
  • إهمال الرياضة والرجيم بعد الزفاف، مما يولد عند العروس مشاعر كآبة

اقرأ أيضاً: المشاكل الزوجية

ابني عمره 6 سنوات يخاف من الذهاب الى المدرسة ويبكي ويصرخ فما هو السبب وما الحل؟

اعراض اكتئاب ما بعد الزواج

في ما يلي مجموعة من الأعراض التي تظهر على الزوج أو الزوجة، والتي يمكن الاستدلال بها على الإصابة باكتئاب ما بعد الزواج. إذ يجب استشارة الطبيب عند الشعور بأحد هذه الأعراض لفترة طويلة بعد الزواج. ومن هذه الأعراض:

  • صعوبة في النوم.
  • تغيرات في الشهية والوزن، إما زيادة أو نقصان.
  • الحزن، والتحسس الزائد، وسرعة البكاء.
  • عدم الاهتمام بالنفس وبالطرف الآخر.
  • عدم التركيز والانعزال.
  • فقدان الرغبة الجنسية.
  • التفكير بأمور سلبية، تصل في حالات شديدة إلى الانتحار.
  • الشعور السلبي تجاه الطرف الآخر، وعائلته، ومجتمعه.
  • التشكيك في صحة العلاقة الزوجية، وبأن الشريك هو الخيار المناسب أم لا.

النصائح والحلول التي يمكن اتباعها للوقاية من اكتئاب ما بعد الزواج وعلاجه

  • يعالج اكتئاب ما بعد الزواج في بعض الحالات، عن طريق التحدث مع طبيب نفسي حول المخاوف، والمشاكل، والأحاسيس التي يشعر بها الشخص. إذ يمكن الوصول مع الطبيب إلى طرق أفضل للتعامل مع هذه المشاكل والأفكار، بالإضافة إلى الحلول الواقعية لمواجهة هذه الحالة بطريقة ايجابية.
  • يساعد دعم الأهل والشريك الآخر بشكل كبير في العلاج.
  • ينصح الأطباء بممارسة التمارين الرياضية، والهوايات القديمة، والنشاطات المختلفة، مثل الكتابة والرسم.
  • يساعد التفاهم، والاحترام، والعطف المتبادل بين الطرفين في العلاج.
  • ينصح الأطباء بالتحدث بانفتاح مع الشريك؛ لأخذ الدعم والتخفيف من التوتر بعد الزواج.
  • مناقشة الأمور الجدية والتجهيز المسبق للزفاف والسفر، يساعد في التخفيف من القلق والاكتئاب بعد الزواج.
  • ينصح علماء النفس بترك وقت فاصل بين الزفاف وشهر العسل؛ لإعطاء المجال للزوجين بتقبل فكرة الزواج والانفصال عن الأهل مما يقي من الإصابة باكتئاب ما بعد الزواج.
  • ينصح علماء النفس بعدم الرجوع مباشرة إلى العمل والروتين اليومي بعد شهر العسل، بل التخطيط لنشاطات جديدة للقيام بها معاً بعد العودة من شهر العسل، وجعل الأحداث اليومية البسيطة أكثر إثارة وسعادة.
  • يؤكد علماء النفس على ضرورة توعية الشباب والفتيات حول مفهوم الزواج والهدف منه، وبأنه فترة انتقالية مليئة بالمسؤوليات والواجبات.
  • التفكير الإيجابي والوثوق بالطرف الآخر يساعد في التقليل من الخوف والمشاعر السلبية بعد الزواج.
  • يجب على الفتيات والشباب التركيز على المستقبل والحياة الزوجية والتخطيط لها أكثر من التخطيط لحفل الزفاف وشهر العسل.
  • يجب على الشباب والفتيات عند وصولهم لسن الزواج طلب النصح والمشورة من أصحاب الخبرة والمعرفة في هذا المجال. ففي وقتنا الحالي أصبح بإمكانهم الالتحاق بدورات التوعية والتثقيف التي تختص بتوضيح مفهوم الحياة الزوجية ومتطلباتها للمقبلين على الزواج.
  • التذكر دائماً بأن الزواج هو وسيلة لبناء حياة جديدة مستقلة بالشخص نفسه، ولكنه لا يعني بالضرورة الانفصال التام عن الأهل والأصدقاء.
  • يساعد التحدث مع الشريك حول المشاعر السلبية، والقلق، والاكتئاب في التخفيف من هذه الأعراض وحل المشكلة نهائياً.

للمزيد: وسائل لتقوية علاقة الحب والصداقة بين الزوجين

اقرا ايضاً :

مدخل إلى الطب النفسي