إن اضطراب ثنائي القطب هو حالة نفسية تتميز بتقلب شديد في المزاج، حيث يتناوب المريض بين فترات من الاكتئاب وفترات من الهوس والانفعال المفرط. ويعد هذا الاضطراب من بين الاضطرابات النفسية الأصعب في التعامل معها، ويمكن أن يؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للأفراد الذين يعانون منه.

ولكن عندما يتعلق الأمر باضطراب ثنائي القطب والحمل، يصبح الأمر أكثر تعقيداً وحساسية. فالنساء اللواتي يعانين من هذا الاضطراب ويخططن للحمل أو لديهن أطفال بالفعل، يجدن أنفسهن أمام تحديات خاصة تتطلب اهتماماً ورعاية طبية مخصصة.

يتناول هذا المقال كيفية تأثير اضطراب ثنائي القطب على الحمل وصحة الأم والجنين، وكيف تتغير طرق علاج المرض في هذه الحالة. كما يقدم بعض النصائح والعملية للنساء اللواتي يواجهن هذا التحدي بهدف تقديم التوجيه الضروري للتعامل مع اضطراب ثنائي القطب خلال هذه الفترة المهمة.

 

ما هو اضطراب ثنائي القطب؟

يعدّ اضطراب ثنائي القطب ظاهرة نفسية تتميز بتقلبات مزاجية كبيرة في العواطف، حيث ينتقل الفرد بين فترات من الهوس الذي يتخلله الإثارة والفرح، وفترات من الاكتئاب العميق. ويعتبر اضطراب ثنائي القطب مشكلة صحية نفسية خطيرة، حيث يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات خطرة، وتأثيرات سلبية على العلاقات الشخصية والمهنية  إذا لم يتم التدخل بشكل فعّال لعلاج المشكلة. [1] [2]

وتتنوع فترات الاضطراب بين الهوس والاكتئاب، ويمكن للفرد خلال تلك الفترات الانتقال بين المزاج العادي والحالات النفسية الشديدة، وهذه الفترات هي: [1] [2]

  • فترة الهوس: تصف فترة من النشاط المتزايد، وزيادة الحديث والنشاط الجسدي، والثقة المفرطة بالنفس. يمكن أن تتضمن هذه الفترة قرارات مستهترة وخطيرة. ومع مرور الوقت، قد يتحول هذا المزاج إلى مشاعر من الغضب والارتباك.
  • فترة الاكتئاب: تصف حالة معاكسة تمامًا، حيث يصاب الفرد بالحزن العميق، وقد يبكي بكثرة، ويشعر بعدم القيمة وفقدان الطاقة والمتعة، وقد يعاني من مشاكل في النوم.

وبما أن نمط التغييرات بين الهوس والاكتئاب يعتبر متغيرًا من شخص لآخر، يصبح تشخيص اضطراب ثنائي القطب أمرًا معقدًا. بالنسبة لبعض الأفراد، يمكن أن تستمر فترات الهوس أو الاكتئاب لفترات طويلة. في حالات أخرى، يتميز اضطراب ثنائي القطب بفترات أكثر تكرارًا وقصرًا. [1] [2]

اقرأ المزيد: ما أسباب اضطراب ثنائي القطب؟

تأثير اضطراب ثنائي القطب على الحمل

تعد فترة الحمل والولادة والفترة ما بعد الولادة مرحلة حاسمة في حياة النساء، وتتزامن هذه الفترة غالباً مع السنوات التي يتم فيها تشخيص الكثير من النساء باضطراب ثنائي القطب، ويعد الحمل حدثاً حياتياً مهماً، ولكن النساء اللواتي يعانين من الأمراض النفسية قد يواجهن مشكلات ومخاطر متزايدة مرتبطة بالإنجاب، وهذا ما يجعل اضطراب ثنائي القطب عبئًا إضافيًا خلال فترة الحمل. [3]

يجب الانتباه إلى أن النساء اللواتي يعانين من اضطراب ثنائي القطب قد يملن إلى التصرف بطريقة جنسية متهورة خلال فترات الهوس، مما يمكن أن يؤدي إلى مخاطر صحية للأم أو الجنين. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تواجه النساء تحديات في اتخاذ قرارات بشأن الأدوية خلال فترة الحمل وكيفية التعامل مع الحمل غير المخطط له أو غير المرغوب فيه؛ مما يزيد من الضغوط النفسية المرتبطة بالحمل والولادة. [3]

اضطراب ثنائي القطب والتحضير للحمل

يمكن للمرأة المصابة باضطراب ثنائي القطب القيام بعدة تحضيرات قبل التخطيط للحمل بحيث تكون هذه المرحلة آمنة لها ولجنينها، ويجب على المرأة المصابة بهذا الاضطراب والتي تخطط للحمل: [3] [4] [5] 

  • استشارة الطبيب المختص: تعد استشارة الطبيب المختص قبل البدء في محاولة الحمل أمرًا حاسمًا للنساء اللواتي يعانين من اضطراب ثنائي القطب. حيث يمكن للطبيب تقديم تقييم شامل لحالة المريضة وضبط العلاج إذا كان ذلك ضروريًا.
  • تناول الأدوية بحذر: يجب على المرأة التي تتناول أدوية لعلاج اضطراب ثنائي القطب أن تناقش مع الطبيب إمكانية تعديل الجرعات أو التبديل إلى أدوية آمنة خلال فترة الحمل. حيث إن بعض الأدوية يمكن تجنبها تمامًا أثناء الحمل لتجنب أي مخاطر.
  • الرعاية الذاتية: يجب على المرأة الحامل التي تعاني من اضطراب ثنائي القطب الاهتمام برعاية نفسها. ويجب أن تتبع نمط حياة صحي، بما في ذلك النوم الجيد وممارسة الرياضة بانتظام.

هل يجب أن تتغير خطة علاج ثنائي القطب في حال الحمل؟

تتنوع استراتيجيات علاج اضطراب ثنائي القطب، وتعتمد بشكل كبير على الفرد نفسه. يمكن للنساء اللاتي يقمن بإدارة حالتهن بدون الاعتماد على الأدوية، أن يعبرن فترة الحمل دون الحاجة إلى تعديلات كبيرة في العلاج. ومع ذلك، يعتبر التواصل مع طبيب نفسي متخصص في صحة الأم خطوة ضرورية لتقييم تاريخ المريضة والتحدث حول العلاجات الوقائية لتجنب الانتكاس.

والتوقف المفاجئ عن العلاج أو التحول إلى علاج آخر يمكن أن يكون ذا مخاطر، حيث إن نسبة كبيرة من النساء المصابات بثنائي القطب قد يواجهن حدوث انتكاسات مزاجية خلال فترة الحمل والأمومة. [4]

الحمل وعلاجات اضطراب ثنائي القطب

تمثل فترة الحمل تحديًا كبيرًا للنساء اللواتي يعانين من اضطراب ثنائي القطب، حيث تتزايد مخاطر تكرار النوبات وتقلبات المزاج الشديدة نتيجة لتوقف العلاج؛ بسبب الحمل أو التأثيرات الهرمونية التي يسببها. وتتطلب إدارة هذه المرحلة بحيث يتم الانتهاء منها بأقل الأضرار الممكنة مراعاة دقيقة، وتقديرًا للمخاطر المحتملة على الجنين مقابل مخاطر تفاقم حالة الأم النفسية في حال انقطاع الأدوية. [5]

ويعتبر تقديم الطبيب المختص معلومات دقيقة وموثوقة للنساء الحوامل اللواتي يعانين من اضطراب ثنائي القطب أمرًا بالغ الأهمية لاتخاذ قرار سليم، وتشمل هذه المعلومات مزايا وسلبيات استمرار العلاج الوقائي أثناء فترة الحمل وتقدير الآثار المترتبة على هذا القرار، إذ يجب تحقيق التوازن بين الرعاية اللازمة للجنين والرعاية النفسية للأم. [5]

يمكن استخدام أو استثناء بعض الأدوية في علاج اضطراب ثنائي القطب للحامل، وفيما يلي توضيح ذلك: 

الفالبروات

يعتبر الفالبروات (بالإنجليزية: Valproate) من بين العلاجات الأكثر فعالية لهذا الاضطراب، ولكنه يحمل مخاطر عالية على تطور الجنين والطفل، الأمر الذي يتطلب من النساء في سن الإنجاب توخي الحذر والنظر في علاجات بديلة عند التخطيط للحمل. وهذا ما يؤكد على أهمية التعاون مع فريق من المختصين لتحديد الإستراتيجية المثلى للتعامل مع الاضطراب خلال فترة الحمل. [4]

هل يتعارض دواء تريبتزول 25 مجم حبة واحدة ليلا فقط مع دواء ريفوتريل 2 مجم حبة واحده صباحا فقط

الليثيوم 

يعتبر الليثيوم (بالإنجليزية: Lithium) خيارًا علاجيًا للنساء الحوامل والنساء بعد الولادة اللواتي يعانين من اضطراب ثنائي القطب. رغم أنه يُصرف بشكل نادر، إلا أن الخطر الذي يشكله على الأم والجنين ضئيل. ويوصي الأطباء بمراقبة استخدام الليثيوم بعناية خلال فترة الحمل، مع تعديل الجرعات بشكل منتظم لضمان فعالية العلاج. كما يُوصى بإجراء فحوصات دقيقة للتحقق من عدم وجود أي تشوهات قلبية محتملة في الجنين. [4]

اللاموتريجين 

يُعتبر اللاموتريجين (بالإنجليزية: Lamotrigine) خيارًا علاجيًا آخر يمكن النظر فيه، حيث يُعتقد أنه يشكل خطرًا منخفضًا لحدوث تشوهات للجنين. ولكن، قد تحتاج جرعات اللاموتريجين إلى تعديل؛ بسبب التغيرات التي تحدث خلال الحمل وبسبب التفاعلات بين الإستروجين واللاموتريجين. [4]

الكاربامازيبين

الكاربامازيبين (بالإنجليزية: Carbamazepine) هو خيار علاجي آخر يمكن النظر فيه، إلا أنه يُعتقد أنه يشكل مخاطر أكبر مقارنة باللاموتريجين، وبالتالي يُستخدم بشكل أقل خلال فترة الحمل. يجب على النساء اللواتي يستخدمن الكاربامازيبين قبل الحمل مناقشة المخاطر والفوائد مع الطبيب المختص وتقييم خطر تغيير الدواء قبل الحمل. [4]

اقرأ أيضًا: طرق تشخيص اضطراب ثنائي القطب

نصائح للحامل للتعامل مع اضطراب ثنائي القطب

من الضروري التركيز على الصحة العقلية خلال فترة الحمل، حيث تواجه النساء الحوامل خطرًا أكبر لتطور الأمراض النفسية. بالنسبة للنساء اللواتي يعانين من اضطراب ثنائي القطب، يعد دمج العلاجات النفسية والاجتماعية في خطط العلاج الخاصة بهن أمرًا ضروريًا، خصوصًا عند معاناتهن من القلق أو الاكتئاب.

يُظهر العلاج السلوكي المعرفي فعاليته في التحكم في الأعراض وتعزيز الصحة النفسية.  وبالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتماد عادات صحية في الحياة اليومية مثل ممارسة التأمل، وإدراج فترات الراحة للصحة العقلية في الروتين اليومي، والحفاظ على نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة بانتظام. حيث تساهم هذه العادات في تعزيز الصحة العقلية والتحكم في أعراض اضطراب ثنائي القطب خلال فترة الحمل. [4]

اقرا ايضاً :

إكتئاب النفاس

نصيحة الطبي

يمثل اضطراب ثنائي القطب تحديًا خاصًا خلال فترة الحمل، حيث يتناوب المريض بين فترات من الاكتئاب العميق والهوس والانفعال المفرط، وهذا يجعل التعامل مع هذا المرض أثناء الحمل أمرًا معقدًا.

يمكن أن يؤدي توقف العلاج أو تأثيرات الهرمونات إلى زيادة مخاطر تكرار النوبات وتقلبات المزاج الشديدة، ومن الضروري دمج العلاجات النفسية والاجتماعية في الرعاية الشاملة للمرأة الحامل المصابة بالاضطراب، مع التركيز على الصحة العقلية واعتماد عادات صحية في الحياة اليومية لتحقيق التوازن المناسب والمساعدة في السيطرة على الأعراض والحفاظ على صحة الأم والجنين.