تزداد الأمراض النفسية تعقيدًا يومًا بعد يوم، ومن بين هذه التحديات تبرز مشكلة اضطراب ثنائي القطب كواحدة من أكثر الاضطرابات النفسية تعقيدًا؛ حيث تتطلب فهمًا عميقًا للاضطراب لمعرفة الطرق الأفضل لعلاجه. وفي هذا السياق، يظهر العلاج السلوكي المعرفي كأحد أهم الطرق التي تستخدم في التعامل مع هذا الاضطراب وغيرها من الأمراض النفسية الأخرى. حيث يوفر حلًا فعالًا للتخفيف من أعراض الاضطراب، مما يساعد المرضى على التحكم في أعراضهم وتحسينها بصورة فعالة.

يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على أهمية العلاج المعرفي السلوكي في معالجة الأمراض العقلية والنفسية، خاصةً اضطراب ثنائي القطب، وتأثيره الإيجابي على جودة حياة المصابين به، بالإضافة إلى فهم آلية العلاج المعرفي السلوكي، والتقنيات المستخدمة في العلاج، للحفاظ على توازن واستقرار المصابين بهذا الاضطراب، وتحسين صحتهم النفسية.

اضطراب ثنائي القطب

يعد اضطراب ثنائي القطب حالة صحية نفسية مزمنة تتضمن تقلبات شديدة في المزاج، ومستويات الطاقة، والقدرة على إنجاز المهام، تمتد هذه التغيرات من أيام لأسابيع، وتشمل فترات تتراوح ما بين الشعور بالاكتئاب إلى فترات أخرى من الهوس، ولذلك سمي هذا الاضطراب بثنائي القطب أو اضطراب الهوس الاكتئابي؛ نظرًا للطبيعة المتذبذبة لأعراضه، ومن الجدير بالذكر أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب يمرون أيضًا بفترات من المزاج الطبيعي. [1]

تعزى أسباب الإصابة باضطراب ثنائي القطب إلى عوامل عدة أبرزها العامل الوراثي والبيئة المحيطة، والإجهاد والتعب الشديد، بالإضافة إلى الأحداث العاطفية المؤلمة كموت أحد الأقارب والأصدقاء، حيث تظهر الكثير من المؤشرات إلى أن الأوضاع المجهدة أو الظروف الصعبة تكون عادة المحفز الرئيسي لظهور أعراض اضطراب ثنائي القطب. [1]

اقرأ أيضًا: أعراض اضطراب ثنائي القطب

العلاج السلوكي المعرفي

يعد العلاج السلوكي المعرفي أحد طرق العلاج النفسي الحديثة التي تساعد المرضى على تحديد وتغيير الأفكار المغلوطة وغير المفيدة، ويقوم على استبدال أنماط التفكير السلبية بأنماط أخرى أكثر فائدة؛ مما يساعد المريض على الشعور بالسيطرة على حياته. [2]

يتمحور العلاج السلوكي المعرفي حول تحقيق أهداف محددة؛ حيث يتم التركيز على المشاكل الحالية في حياة المصاب بدلًا من التركيز على الماضي، أو على صدمات الطفولة، بالإضافة إلى قدرة المصابين على حل مشاكلهم وإحساسهم بالتحكم في صحتهم ورفاهيتهم، إذ يقوم المعالج النفسي خلال الجلسات على التقدم في العلاج من خلال تطوير مهارات جديدة وصحية تساعد المرضى على التأقلم والتطور. [2][3]

أظهر العلاج السلوكي المعرفي فعاليته في تحسين أعراض مجموعة متنوعة من الاضطرابات النفسية، بما في ذلك: [2]

آلية العلاج السلوكي المعرفي لمعالجة اضطراب ثنائي القطب

يتضمن العلاج الأساسي لاضطراب ثنائي القطب عادةً المزج بين الأدوية والعلاج النفسي. ويستخدم العلاج السلوكي المعرفي كأحد أنواع العلاج النفسي الأكثر شيوعًا في علاج اضطراب ثنائي القطب من خلال: [4]

  • التعامل مع أعراض الاكتئاب التي تحدث كجزء من نوبات أو فترات الاكتئاب.
  • التعامل مع مشاعر الذنب أو الأفكار السلبية الأخرى حول فترات الهوس.
  • التعامل مع مشاعر فقدان الأصدقاء أو العلاقات.

يمكن أن يسهم ذلك في تقليل الضغط العام على المصاب، والحد من نوبات الهوس أو الاكتئاب، بالإضافة إلى توعية الفرد بحالته المزاجية، وعواطفه، وأهم الأسباب التي قد تؤدي به إلى التعرض لنوبات الهوس. [4]

اقرأ المزيد: طرق علاج اضطراب ثنائي القطب

انا انثى في الخمسين من العمر، ودائما تصيبني حالة أشعر بها بأنني اشتم رائحة غاز، مما يتسبب لي بالصداع، رغم ان لا أحد غيري يشتمها!

تقنيات العلاج السلوكي المعرفي لمعالجة اضطراب ثنائي القطب

يساعد المختص النفسي المصاب خلال جلسة العلاج السلوكي المعرفي على تطوير المهارات الأساسية؛ للتركيز على النواحي المتعددة لاضطراب ثنائي القطب حيث تتضمن هذه المهارات: [3]

  • فهم العلاقة بين المشاعر والأفكار والسلوك: يساعد العلاج السلوكي المعرفي المصاب على فهم العلاقة بين أفكاره، ومشاعره، وسلوكه تجاه نفسه، ورؤيته للمستقبل. إذ إن تغيير السلوكيات والأفكار السلبية من شأنه أن يؤدي إلى تحسين أعراض اضطراب ثنائي القطب.
  • مراقبة الذات: يعتمد العلاج السلوكي المعرفي على قدرة المصاب على تمييز وتتبع الأعراض التي يمر بها وجمع المعلومات عنها للمعالج المختص؛ وبالتالي الحصول على علاج أفضل.
  • بناء التفكير الإيجابي: يعرض العلاج السلوكي المعرفي كيفية ضبط الحديث الذاتي والأفكار السلبية غير المرغوب بها، وتصحيحها، حيث يتسنى للمصابين فعل ذلك عن طريق بناء التفكير الإيجابي.
  • تحديد الأفكار السلبية: حيث يقوم المصاب باضطراب ثنائي القطب بتوثيق وتوضيح نمط تفكيره إلى المعالج المختص، لفهم طبيعة وتمييز الأفكار التي تؤدي إلى الأعراض غير المرغوب بها.
  • تعديل السلوك: يركز العلاج السلوكي المعرفي على أهمية ضبط المصاب لسلوكه استنادًا إلى أعراض اضطراب ثنائي القطب التي يمر بها؛ للحفاظ على توازنه واستقراره؛ نظرًا للتغيرات الحادة التي تحدث في مزاجه ومستوى طاقته.
  • تعلم مهارات التواصل: يساعد العلاج المعرفي السلوكي المصابين على معرفة ما يمرون به، وتدريبهم على التعبير عن احتياجاتهم ورغباتهم للأصدقاء والعائلة ومتخصصي الصحة النفسية.
  • منع عودة الأعراض: يقوم العلاج السلوكي المعرفي على إيجاد أفضل الطرق لمنع نوبات الهوس والاكتئاب؛ من خلال وضع قائمة بالأسباب التي يمكن أن تؤدي إليهما، وتعلم تقنيات لتقليل التوتر، والحصول على قسط كاف من النوم للمساهمة في تقليل مخاطر نوبات الهوس أو الاكتئاب الشديد.

اقرا ايضاً :

اضطراب التشوه الوهمي للجسد، ألم حقيقي يدفع بالكثيرين لعمليات التجميل.

نصيحة الطبي

يعد اضطراب ثنائي القطب ظاهرة نفسية خطيرة تتسم بتغيرات حادة في المزاج، حيث يتطلب نهجًا وتقنيات حديثة في العلاج، ينصح الطبي بالعلاج السلوكي المعرفي كأسلوب علاجي معاصر يهدف إلى تحديد الأفكار والمشاعر السلبية وفهم طبيعتها من خلال تعلم طرق فعالة للتغلب عليها من قبل المصابين بهذا الاضطراب، كتعلم مهارات الحوار والتواصل؛ للتعبير عن احتياجاتهم لمحيطهم، وتقليل التوتر لتحقيق أفضل النتائج من أجل حياة أكثر توازنًا واستقرارًا.