تتباين الأسباب التي قد تؤدي إلى عدم الشعور بالجوع، وهي تتراوح ما بين التغيرات البسيطة في نمط الحياة إلى الحالات الصحية الأكثر خطورة. يعد الشعور بالجوع إشارة طبيعية يرسلها الجسم للإشارة إلى الحاجة للطاقة، لكن عدم الشعور بالجوع قد يكون له تداعياته على الصحة العامة.

يهدف هذا المقال إلى توضيح أسباب عدم الشعور بالجوع، بدءًا من العوامل النفسية، مثل: الضغط النفسي والاكتئاب، وصولًا إلى الحالات الطبية والأمراض المزمنة.

أسباب عدم الشعور بالجوع

تقوم عمليات معقدة في الجسم البشري على تنظيم الشعور بالجوع، وهي عملية تعكس حاجة الجسم للطاقة والمغذيات الأساسية، حيث تلعب هذه العمليات دورًا حيويًا في الحفاظ على صحة الجسم وطاقته. [1]

اقرأ المزيد: محفزات الجوع

تتعدد وتتنوع أسباب عدم الشعور بالجوع، وتتراوح بين التغيرات النفسية، والهرمونية، والجسدية إلى الاضطرابات الصحية، ومن هذه الأسباب:

التوتر والقلق

يؤثر التوتر والقلق بشكل مباشر على الجهاز الهضمي والشهية، إذ يمكن أن يتسبب التوتر المزمن في زيادة إفراز هرمون الكورتيزول (الإنجليزية: Cortisol)، الذي يزيد من الرغبة في تناول الأطعمة عالية السعرات الحرارية، وبالتالي شعور الشخص بالشبع لفترة طويلة.

أما في حالات القلق فإنه يتم تنشيط استجابة القتال أو الهروب (بالإنجليزية: Fight-or-Flight) في الجسم، مما يؤدي إلى إطلاق هرمونات الإجهاد، مثل: الأدرينالين (بالإنجليزية: Adrenaline). وهذه الهرمونات تُقلل من سرعة عملية الهضم وتقلل من الرغبة في تناول الطعام، مما يعني عدم الشعور بالجوع. ومن الجدير ذكره أيضًا أنه يشيع الشعور بالغثيان بين الأشخاص الذين يتعرضون للقلق، وهذا أيضًا يؤثر سلبًا على الشعور الطبيعي بالجوع. [1][2]

كيف انزل ضغط الدماغ؟ فقد أخبرني الطبيب أن هناك ارتفاع في ضغط الدماغ وأنا خائف أن يسبب لي مشاكل خطيرة

الاكتئاب

يُعد الاكتئاب من الأسباب الشائعة لفقدان الشهية ومن أسباب عدم الشعور بالجوع، حيث يؤثر على الوظائف العصبية والهرمونية في الجسم، إذ يتسبب الاكتئاب في إطلاق هرمون الكورتيكوتروبين (بالإنجليزية: Corticotropin)، التي قد تقلل من الشعور بالجوع وتؤدي إلى فقدان الاهتمام بالطعام. وفي حالات الاكتئاب الشديد قد يقل نشاط مناطق الدماغ المسؤولة عن تنظيم الشهية، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في الرغبة في تناول الطعام. [1][2][3]

من الجدير ذكره أنه يمكن أن يكون تأثير الاكتئاب على الشهية متفاوتًا، ففي بعض الحالات قد يؤدي إلى زيادة الرغبة في تناول الطعام وزيادة الوزن، بينما في حالات أخرى يؤدي إلى فقدان الشهية وفقدان الوزن. ويُنصح الأشخاص الذين يعانون من تغيرات في الشهية المرتبطة بتغيرات المزاج بمراجعة الطبيب للحصول على التشخيص والعلاج المناسب. [2][3]

اقرأ أيضًا: الاكتئاب وفقدان الشهية: ما العلاقة بينهما؟

الحمل

تعدد العوامل التي قد تؤثر على الشهية والشعور بالجوع خلال فترة الحمل، إذ يُلاحظ أن العديد من النساء الحوامل قد يواجهن فقدان الشهية أو النفور من بعض الأطعمة، وهذا يعود إلى التغيرات الهرمونية الحاصلة أثناء الحمل، إضافة إلى ذلك لوحظ أن نسبة كبيرة من النساء الحوامل تعاني من الغثيان والقيء، خاصةً في الثلث الأول من الحمل، وهذا قد يستمر لأطوال متفاوتة خلال فترة الحمل. [1][2]

ويجب التأكيد على أهمية التغذية الجيدة خلال الحمل لضمان الصحة الجيدة لكل من الأم والجنين، ويُنصح بتناول وجبات خفيفة ومتكررة على مدار اليوم ، وتجنب الأطعمة التي تثير الغثيان، وكذلك تناول الأطعمة سهلة الهضم، مثل البسكويت الجاف أو الخبز المحمص. [1][2]

الأدوية

تؤدي الأدوية دورًا شديد الأهمية في الرعاية الصحية وعلاج الأمراض، وبالرغم من هذا يمكن أن يؤدي استخدام بعض الأدوية إلى تقليل الشهية كأحد الآثار الجانبية، مما يجعلها من أسباب عدم الشعور بالجوع، يشمل ذلك أنواع مختلفة من الأدوية مثل: [2]

  • المضادات الحيوية، ومضادات الفطريات.
  • مرخيات العضلات.
  • أدوية علاج الاكتئاب.
  • أدوية علاج الصداع النصفي.
  • أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم.
  • أدوية علاج مرض الباركنسون.

الرشح والإنفلونزا

يتنشط جهاز المناعة بشكل مكثف عند الإصابة بنزلات البرد أو الإنفلونزا، ويقوم بإطلاق مواد كيميائية تُعرف باسم السيتوكينات (بالإنجليزية: Cytokines)، حيث تؤدي هذه المواد إلى الشعور بالتعب وقد تقلل من الرغبة في تناول الطعام والشعور بالجوع.

من الجدير ذكره أن آلية الجسم الدفاعية هذه تهدف إلى توفير الطاقة اللازمة لمكافحة العدوى، على الرغم من أن تناول كميات صغيرة من الطعام تعزز من قوة جهاز المناعة. [2]

التقدم في العمر

يميل العديد من الأشخاص إلى عدم الشعور بالجوع مع التقدم في العمر، حيث يُعاني ما بين 15% إلى 30% من كبار السن من فقدان الشهية. يمكن أن ترتبط هذه الظاهرة بعدة عوامل تتضمن: [3][4]

  • التغيرات الفيسيولوجية: وهي تمثل تغيرات العمر المرتبطة بالهرمونات والجهاز الهضمي، بالإضافة إلى التغييرات في الحواس، مثل: حاسة التذوق أو الشم، وجميع هذه التغيرات قد تؤثر على الشهية. كما أن كبار السن أكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة قد تؤثر على شهيتهم. إلى جانب ذلك قد يواجه كبار السن مشكلات في المضغ والبلع، أو مشكلات الأسنان، أو حالات أخرى، مما يؤدي إلى انخفاض الشهية.
  • العوامل النفسية والاجتماعية: قد يُعاني كبار السن الذين يشعرون بالوحدة من انخفاض في الشهية، كذلك يمكن أن تلعب الحالات الصحية النفسية، مثل: الاكتئاب دورًا في تقليل الشهية.
  • العوامل الدوائية: يتناول العديد من كبار السن أدوية قد تقلل من شهيتهم.

عوامل أخرى

يمكن أن تؤدي العديد من المشكلات الصحية والعوامل الأخرى إلى انخفاض ملحوظ في الشهية، وهذا يؤدي إلى عدم الشعور بالجوع رغم عدم تناول الطعام لفترات طويلة، ومن أسباب عدم الشعور بالجوع أيضًا:

  • جرثومة المعدة.
  • الألم الشديد كألم الشقيقة.
  • مشكلات الجهاز الهضمي المختلفة.
  • فقر الدم.
  • السرطان.
  • كسل الغدة الدرقية.
  • الالتهابات المختلفة.

نصائح لتعزيز الشهية والرغبة في تناول الطعام

يمكن اتباع بعض النصائح والإجراءات البسيطة في المنزل لتحسين الشعور بالجوع وتعزيز الشهية ومواجهة أسباب عدم الشعور بالجوع، ومنها: [4]

  • اتباع روتين غذائي محدد: يجد البعض أن تناول الطعام في أوقات منتظمة كل يوم يساعد في تحفيز الشهية، وفي حال كانت تناول الوجبات الكبيرة أمرًا صعبًا فيمكن تجربة تناول وجبات صغيرة بشكل أكثر تكرارًا، إذ يُساعد هذا في الحصول على السعرات الحرارية والعناصر الغذائية اللازمة حتى في حالة عدم الشعور بالجوع.
  • إجراء تغييرات على نمط الحياة: تغيير الروتين اليومي قد يساعد في تعزيز الشهية، هذا يتضمن الحصول على عدد ساعات نوم كافية وممارسة التمارين الرياضية المعتدلة.
  • تناول المكملات الغذائية: إذا كان الشخص يعاني من نقص في بعض العناصر الغذائية فقد يساعد تناول المكملات الغذائية في الحصول على المزيد من هذه العناصر الغذائية، وبالتالي تحسين الشهية.

ويجب التأكيد على أنه إذا استمر فقدان الشهية لفترة طويلة يجب على الشخص الاتصال بالطبيب المختص لاستشارته والتأكد من أنه لا توجد أسباب صحية خطيرة وراء ذلك.

اقرا ايضاً :

الممارسات الخاطئة المتبعة لتقليل الوزن

نصيحة الطبي

يُعد التعرف على أسباب عدم الشعور بالجوع خطوة مهمة نحو الحفاظ على صحة جيدة. تساعد مراجعة الطبيب في تحديد ما إذا كان هناك أسباب طبية تستدعي العلاج أو إذا كانت التغييرات في نمط الحياة والنظام الغذائي كافية. تؤثر العوامل النفسية والجسدية والتقدم في العمر بشكل كبير على الشعور بالجوع والشهية، ومن الضروري الانتباه إلى هذه العوامل والتعامل معها بشكل مناسب.