تتعدد أنواع الصداع الذي يصيب الإنسان، ويندرج تحت عرض الصداع أكثر من مائة وخمسين وصفاً إكلينيكياً مثل صداع التوتر (بالإنجليزية: Tension Headaches) والصداع العنقودي (بالإنجليزية: Cluster Headaches). 

ويعد الصداع النصفي أو الشقيقة هو أكثر أنواع الصداع إثارة للجدل، إذ  يندرج تحت مسماه قائمة طويلة من الأوصاف مثل: الشقيقة الدماغية التقليدية، والشقيقة الدماغية غير التقليدية، والصداع الصامت، ومنها أيضاً صداع البطن، والصداعات الهرمونية، وصداع الغذاء وغيرها.


صداع البطن أو الشقيقة البطنية (بالإنجليزية: Abdominal Migraines) هو أحد أنواع الصداع النصفي، ويطلق عليه أيضاً متلازمة التقيؤ الدوري، ويصيب الأطفال أكثر من البالغين، خاصة الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلى للإصابة بالصداع النصفي، ويصيب الإناث أكثر من الذكور، كما هي الحال في الصداع النصفي التقليدي.

أعراض صداع البطن

غالباً ما تكون نوبات صداع البطن شديدة لدرجة تمنع المصاب من الحركة أو حتى الكلام وترغمه على البقاء طريح الفراش لمدة تراوح بين ساعات عدة إلى أيام عدة، وتتضمن أعراضه ما يلي:

  • حدوث نوبات متكررة من الألم الحاد في منتصف أعلى البطن.
  • الغثيان والتقيؤ وفقدان الشهية وعدم القدرة على تناول الطعام.
  • شحوب الجلد وظهور هالات سوداء تحت العين.
  • الشعور بالضعف العام وتشوش الذهن أثناء النوبة التي تتبعها فترة خالية من المرض.

تختفي نوبات المرض، أو تقل تدريجياً مع سن البلوغ، حيث تصبح النوبات أقل تكراراً وأقل حدة، لكنها قد تستمر لفترات أطول، ويصاب بعض الأطفال بنوبات صداع الرأس التقليدية عند وصولهم إلى سن البلوغ.

أسباب صداع البطن

لم يعرف العلماء حتى الآن سبباً محدداً لداء الشقيقة البطنية، ويرجع البعض حدوث المرض إلى اضطرابات وراثية تؤثر في الإفراز الطبيعي لمادتي سيروتونين وهيستامين، ويؤكد آخرون أن التوتر والقلق والتقلبات النفسية تؤدي إلى تغيرات حادة في مستويات هاتين المادتين في الجسم، ما يؤدي إلى حدوث ألم البطن غير المبرر.

بينما يرى فريق ثالث أن تناول بعض الأطعمة مثل الشوكولاته واللحوم المصنعة المحتوية على مواد النترات، والطعام الصيني المحتوي على مادة غلوتامات أحادي الصوديوم، وابتلاع كميات كبيرة من الهواء أثناء الانفعال أو تناول الطعام، يمكن أن تثير نوبات صداع البطن.

أطعمة تسبب الصداع النصفي

ومن أشهر المشروبات والأطعمة المرتبطة بالصداع النصفي:

  • الشوكولاته: يرجع البعض العلاقة بين تناول الشوكولاته ونوبات الصداع النصفي إلى احتواء الشوكولاته على الحمض الأميني تيرامين.
  • الكافيين: الإكثار أو الإقلال أو الإقلاع عن تناول الكافيين يتسبب في استثارة الصداع النصفي، فالإكثار من الكافايين يؤدي إلى المزيد من القلق والتوتر، والاقلال من الكافايين أو الإقلاع المفاجئ عن تناول المشروبات المحتوية على الكافايين، قد يؤدي إلى استثارة الصداع النصفي، لذا ينصح الخبراء بالإقلال التدريجي للكافايين.
  • الكحول: يرجع الباحثون ارتباط الصداع النصفي بتناول الكحوليات نتيجة احتواء الكحول على الحمض الأميني تيرامين، كذلك وجود المواد الفينولية الموجودة في الكحول مثل النبيذ الأحمر.
  • الأطعمة الغنية بالحمض الأميني تيرامين": مثل الجبن القديم، واللحوم المصنعة، والموز فائق النضج، والمكسرات المختزنة.
  • الوجبات الغنية بالدهون: تؤكد الأبحاث أن الأشخاص الذين يعتمدون على نظام غذائي عالي الدهون أكثر عرضة للإصابة بنوبات الصداع المتكررة مقارنة بغيرهم، كما يؤكد خبراء التغذية على أن الإقلال من تناول الدهون خصوصاً المشبعة يساهم بقدر كبير في الاقلال من تكرار وشدة نوبات الصداع النصفي.  

يؤدي ارتفاع حمض التيرامين في الدم إلى انخفاض مستوى هرمون سيروتونين المخ وتوسعة الشرايين المخية، ما يؤدي إلى استثارة أو زيادة حدة الصداع النصفي.

التشخيص والعلاج

ويعتمد تشخيص صداع البطن على استبعاد الأمراض الأخرى المسببة لأعراض مشابهة مثل التهاب المعدة، أو إنفلونزا المعدة، أو الاضطرابات الهضمية الأخرى، كما يجب التفرقة بين صداع البطن والألم المصاحب لنوبات حمى البحر الأبيض المتوسط.

ويعد التاريخ العائلي للإصابة بصداع البطن إحدى العلامات الفارقة المميزة للتشخيص، لذا يجب على الطبيب التركيز على التاريخ العائلي للإصابة بالمرض من أجل الوصول إلى تشخيص دقيق.

مثلما الحال مع داء الشقيقة لم يتم التوصل إلى علاج محدد لصداع البطن حتى الآن، وغالباً ما يتم علاجه باستخدام مثبطات السيروتونين أو مضادات الإكتئاب ثلاثية الحلقة، وأحياناً يمكن اللجوء إلى عقار سوماتريبتان الذي يؤخذ عن طريق الأنف لعلاج البالغين.

لكن لم يعتمد حتى الآن استخدامه لدى الأطفال، وقد ينجح استخدام دواء حمض فالبرويك المضاد للصرع والمستخدم في علاج بعض حالات الصداع النصفي التقليدي في معالجة بعض حالات صداع البطن.

كما تفيد أساليب التحكم الذاتي في التوتر والقلق مثل تمارين الاسترخاء، والتأمل، واليوغا، والوخز بالإبر الصينية، واتباع عادات حياتية صحية في الإقلال من نوبات الصداع، كما يجب الاحتفاظ بمفكرة لتدوين الأعراض وعدد النوبات والأسباب المحتملة المثيرة للنوبة وعرض هذه المعلومات على الطبيب المعالج لاتخاذ إجراءات الوقاية والعلاج المناسب.

 

أنواع أخرى من الصداع النصفي

تشمل أهم أنواع الصداع النصفي الأخرى كلاً من:

الصداعات الهرمونية

تشير الإحصاءات إلى أن نحو 70 في المئة من حالات الصداع النصفي تصيب النساء، ونحو 60 إلى 70 في المئة من النساء يرتبط لديهن نوبات الصداع النصفي بالتغيرات الهرمونية المصاحبة للدورة الشهرية، وفترات الحمل، وسن انقطاع الطمث، وتناول هرمونات منع الحمل أو الهرمونات التعويضية.

صداع الدورة الشهرية

يرجع الباحثون حدوث صداع الدورة الشهرية إلى تغير مستويات هرمونات الاستروجين والبروجسترون المصاحبة لمراحل الدورة الشهرية. وتنصح النساء اللاتي يعانين من تكرار صداعات الدورة الشهرية بالبدء في تناول المسكنات غير السترويدية قبل موعد الحيض بيومين إلى ثلاثة أيام.

وينصح الأطباء أيضاً بالإقلال من تناول ملح الطعام في الأيام السابقة لموعد نزول الحيض لتقليل احتباس السوائل، كما يمكن تناول مدرات البول في بعض الحالات تحت الإشراف الطبي.

الصداع وأقراص منع الحمل

تؤكد الإحصاءات أن نوبات الصداع النصفي أكثر تكراراً وشدة بين النساء اللاتي يتناولن أقراص منع الحمل، خصوصاً المحتوية على تركيزات عالية من هرمون الاستروجين، وتقل معدلات الإصابة بالصداع في حالة تناول أقراص منع الحمل المحتوية على تركيزات ضئيلة من هرمون الاستروجين.

كذلك تقل أو تختفي نوبات الصداع تماماً بين النساء اللاتي يتناولن أقراص منع الحمل المحتوية على هرمون البروجسترون. وقد أكد بعض الدراسات ارتباط تناول أقراص منع الحمل بنقص مستويات فيتامين ب6، وزيادة فرص الإصابة بالصداع النصفي.

وتنصح النساء اللاتي يعانين من نوبات شديدة من الصداع ويرغبن في الاستمرار في تناول أقراص منع الحمل بتناول المسكنات غير السترويدية من اليوم التاسع عشر للدورة الشهرية، والاستمرار في تناولها حتى اليوم الثاني من نزول الحيض.

كذلك يمكن تناول عقاقير أخرى تحت الإشراف الطبي مثل العقاقير المحتوية على مادة إرجوتامين أو مثبطات بيتا مثل دواء إندرال، أو كوابح مسارات الكالسيوم مثل دواء فيراباميل، أو مضادات الصرع مثل دواء حمض فالبرويك.

يمكن أيضاً اللجوء إلى استخدام عقار لوبرون في حالة عدم نجاح العلاجات السابقة في السيطرة على الصداع. وهذه العقاقير يمكن البدء في تناولها قبل موعد الحيض بيومين إلى ثلاثة أيام ويستمر تناولها أثناء فترات نزول الحيض.

صداع سن اليأس

تشير الإحصاءات إلى تزايد مخاطر إصابة النساء بالصداع النصفي أو زيادة شدة وتكرار نوبات المرض بعد سن انقطاع الطمث. وتنصح النساء اللاتي يحتجن إلى استمرار استخدام هرمون الاستروجين بعد سن اليأس بالاعتماد على أقل جرعات من الهرمون يتم تناولها بصفة منتظمة غير متقطعة للمساعدة على استقرار مستوى الهرمون بالدم للوقاية من نوبات الصداع.

كذلك يؤكد بعض الأبحاث أن اللجوء إلى استخدام اللاصقات المحتوية على هرمون الاستروجين مثل لصقة إيستراديرم يمكن استخدامها بنجاح لاستقرار مستوى هرمون الاستروجين والوقاية من صداع سن اليأس.

صداع الحمل 

تشير الإحصاءات إلى أن نوبات الصداع النصفي تختفي أثناء الحمل في نحو 64 في المئة من النساء المصابات بالصداع النصفي. وتشير إحصاءات أخرى إلى ظهور الصداع النصفي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل ويسمى صداع الحمل، ثم تختفي هذه النوبات بعد الشهر الثالث من الحمل.

ينصح أثناء الحمل بعدم استخدام عقاقير معالجة الصداع النصفي، خصوصاً المحتوية على مادة ارجوتامين، لأنها تؤدي إلى زيادة انقباضات الرحم واحتمالات حدوث الإجهاض أو الولادة المبكرة، ويمكن أن تصل إلى الجنين عبر المشيمة مسببة تشوهات وعيوب خلقية، وبالتالي فإن هذه العقاقير محظورة أثناء الحمل،

ويمكن اللجوء إلى استخدام مسكن بسيط مثل إيلينول، بشرط مناقشة مدى أمان استخدام العقاقير والمسكنات أثناء الحمل مع الطبيب المعالج.