تم تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد في إيطاليا في الثلاثين من شهر كانون الثاني (شهر 1) لعام 2020، في مدينة روما، والتي كانت عائدة إلى سائح صيني قادم من مدينة ووهان، وهي المدينة التي ظهرت فيها أول حالة للإصابة بالفيروس، الأمر الذي أدى إلى إصدار قرار في نفس اليوم بحظر جميع الرحلات الجوية القادمة من بعض المدن الصينية في محاولة للتقليل من انتشار العدوى، كما تلى ذلك الكشف عن إصابات جديدة بكورونا (بالإنجليزية: Corona) عند مجموعة من الإيطاليين الذين تم إعادتهم إلى إيطاليا من منطقة ووهان.

بالمقابل، تم تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد في تايلاند في الثالث عشر من شهر كانون الثاني لعام 2020، حيث كانت أول دولة تعلن عن تسجيل حالة للإصابة بالفيروس خارج الصين، وتم تصنيف تايلند في وقتها على أنّها أكثر دول العالم خطراً لتفشي الوباء فيها، الأمر الذي اضطر الحكومة إلى إجراء حظر جزئي للحد من تفشي المرض، بالإضافة إلى بعض الإجراءات والقرارت الاقتصادية، كما تم إعادة 138 مواطن تايلندي من منطقة ووهان الصينية في اليوم الرابع من شهر شباط (شهر 2).

اقرأ أيضاً: فيروس كورونا الجديد: أسئلة وأجوبة من منظمة الصحة العالمية (WHO)


تفشي الوباء وآلية التعامل معه

ظهرت في البداية بعض من علامات الارتياح عند الخبراء الإيطاليين نتيجة كون جميع حالات الإصابة في إيطاليا قادمة من الخارج، مع عدم ظهور أي علامات على حدوث تفشي للمرض في إيطاليا، إلا أنّه في العشرين من شهر شباط تم الإبلاغ عن حالة إيجابية لفيروس كورونا في بلدة صغيرة تعرف باسم كودوجنو، لمريض لم يسافر إلى الصين من قبل، ولم يختلط بأي أحد قادم من الدول الآسيوية، الأمر الذي تلاه تشخيص المزيد من الحالات المصابة بالفيروس، مما أدى إلى إجراء حجر صحي صارم لمدة أسبوعين على كامل المنطقة.

على الرغم من الإجراءات الصحية الصارمة التي تمت حول المنطقة، إلا أنّ هذه الإجراءات لسوء الحظ كانت متأخرة، مما أدى إلى انتشار الفيروس بسرعة كبيرة، حيث وصلت عدد الإصابات المؤكدة في غضون 20 يوماً إلى ما يقارب 15 ألف حالة، مع وفاة ألف حالة بسبب الفيروس، الأمر الذي أدى إلى إتخاذ المزيد من الإجراءات الصارمة في كامل الدولة، من إغلاق للمدارس والجامعات، بالإضافة إلى إغلاق معظم المحال التجارية باستثناء الأساسية منها.

وضع التزايد الكبير في عدد المصابين بفيروس الكورونا المستجد ضغطاً هائلاً على النظام الصحي في إيطاليا، مما اضطر الدولة إلى طلب العون والمساعدة من الصين وغيرها من الدول لتغطية العجز الحاصل في المعدات الطبية اللازمة للتعامل مع الحالات الحرجة من المصابين، ولا تزال إيطاليا إلى اليوم من أكثر الدول تضرراً بالفيروس، حيث وصل عدد الإصابات المؤكدة مع نهاية اليوم الثامن من شهر نيسان (شهر 4) إلى 139422 حالة، مع 17669 حالة وفاة، وهو أكبر عدد للوفيات الناتجة عن فيروس كورونا في العالم إلى غاية الآن.



على الصعيد الآخر، فإنّ تايلاند التي كانت تعتبر أكثر دولة مهددة لخطر تفشي الفيروس فيها، قد سجلت ما يقارب 2369 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس مع نهاية اليوم الثامن من شهر نيسان، مع تسجيل 30 حالة وفاة بسبب الفيروس.

قامت الحكومة التايلندية بإعلان حالة الطوارئ في البلاد في اليوم السادس والعشرين من شهر آذار (شهر 3)، والذي قُرر استمراره مبدئياً إلى نهاية شهر نيسان لعام 2020، كما تم عمل حجر صحي على عدد من الأقاليم، بالإضافة إلى إغلاق الحدود، ومنع المسافرين الأجانب من دخول البلاد، وإقامة أنظمة مراقبة صحية على 28 مطار، كذلك تم تزويد جميع المستشفيات التي تستقبل الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض الإصابة بالفيروس بما يلزم لتشخيص حالات الإصابة الفعلية.

قامت الحكومة التايلندية أيضاً بإلغاء بعض المناسبات والفعاليات العامة، بالإضافة إلى إغلاق جميع المدارس والجامعات لمدة أسبوعين، كما تم إغلاق محال الترفيه مثل السينمات، والملاعب الرياضية، وغيرها من المحال غير الأساسية لمدة أسبوعين مع ارتفاع عدد الإصابات في العاصمة بانكوك.

اقرأ أيضاً: ما الفرق بين مرض الكورونا الجديد والانفلونزا

الإجراءات الطبية السارية

بدأت عمليات الفحص للكشف عن المصابين بفيروس كورونا في إيطاليا عن طريق فحص جميع الأشخاص الذين قد خالطوا أحد المصابين فعلاً بالفيروس، إلا أنّه مع الزيادة الكبيرة في عدد الإصابات بات هذا الأمر مستحيلاً، حيث اقتصرت الفحوص بعدها على الأشخاص المصابين بأعراض المرض الشديدة، الأمر الذي يجعل من تحديد مدى انتشار المرض، وأعداد المصابين الحقيقة أمراً صعباً، نتيجة عدم فحص الأشخاص الذين قد يكونوا مصابين، إلا أنهن لا يعانون من أي أعراض، أو يعانون من أعراض خفيفة.

قامت السلطات الصحية في إيطاليا بنقل المرضى الذين يحتاجون إلى العناية المركزة، والغير مصابين بفيروس كورونا إلى أماكن مخصصة، إلا أنّ عدد الأسرة المجهزة للعناية المركزة بالمرضى غير كافي لتغطية الأعداد المتزايدة من المصابين في إيطاليا، لذلك، وكما فعلت الصين، تم اللجوء إلى افتتاح وحدات العناية المتوسطة (بالانجليزية: Intermediate care) في المستشفيات، وفي مناطق أخرى، حيث تم تزويد هذه الوحدات بأجهزة تنفس قادمة من الصين، تعتمد على التهوية غير الجائرة (بالانجليزية: Non-invasive ventilation).

لا تعتمد التهوية غير الجائرة على إدخال أنبوب إلى القصبات الهوائية لإيصال الأكسجين، حيث تستعمل هذه الأجهزة خوذ أو أقنعة لإيصال الأكسجين للمريض، والتي قد تساعد بعض المرضى الذين يمكن أن تسمح حالتهم باستعمال هذا النوع من أجهزة التنفس، حيث أنّ ما يقارب ثلث حالات الإصابة في وحدات العناية المركزة يمكن أنّ ينتقلوا إلى استعمال مثل هذه الأجهزة، الأمر الذي يساعد على تخفيف العبء على وحدات العناية المركزة لتستقبل المرضى الأكثر حاجةً إليها، كما أشار منسق وحدات العناية المركزة الإيطالي.

قامت السلطات الصحية الإيطالية المختصة أيضاً بإصدار تعليمات أو توجيهات للتعامل مع حالات زيادة أعداد المرضى مع نقص الأجهزة الطبية اللازمة للرعاية بهم، بشكل يضمن حصول أكبر عدد من المرضى الذين يتوقع امتلاكهم لأعلى نسب الشفاء العلاجي على أولوية العلاج في وحدات العناية المركزة.

اعتمد الأطباء الإيطاليين على الاقتراحات الصينية في علاج حالات الإصابة بفيروس كورونا، والتي تقترح استعمال بعض الأدوية المضادة للفيروسات التي تم تجريبها خلال تفشي وباء السارس عام 2003، بالإضافة إلى عدد من الدراسات السريرية على بعض الأدوية المحتملة لعلاج الفيروس.

اقرأ أيضاً: الغذاء وفيروس الكورونا الجديد (كوفيد-19)

وعلى الطرف الآخر، نقلت وكالة الأنباء العالمية رويترز عن عدد من الأطباء في أحد مستشفيات العاصمة التايلاندية بانكوك نجاحهم في علاج بعض حالات الإصابة بالفيروس باستعمال دواء مركب يحتوي على دوائين من أدوية فيروس العوز المناعي البشري، المسبب لمرض الإيدز، وهما دواء لوبينافير مع ريتونافير (بالانجليزية: Lopinavir, Ritonavir)، بالإضافة إلى المضاد الفيروسي أوسيلتامفير (بالانجليزية: Oseltamivir).

يتم حالياً نقل الأشخاص الذين تم تشخيصهم بالإصابة بفيروس كورونا حديثاً إلى مستشفى واحد تم تجهيزه لمراقبة المرضى، والعناية بهم ومعالجتهم، بينما تقوم بعض المستشفيات الأخرى بإجراء فحوصات الكشف عن الفيروس، أو حملات التوعية المجتمعية ضد المرض، كما يشير تقرير نشرته جامعة جونز هوبكينز الأمريكية إلى أنّ تايلند هي الدولة الأولى في القارة الأسيوية، والسادسة عالمياً في استعدادها لمواجهة ظهور وانتشار الأوبئة.

اقرأ أيضاً: طرق الوقاية والعلاج لفيروس كورونا