يٌعد عدم انتظام الدورة الشهرية مشكلة شائعة نسبيًا والتي يمكن أن تحدث نتيجة لأسباب متنوعة، بعضها ما يكون طبيعيًا ويتعلق بنمط الحياة وبعضها الآخر ما يشكل مشكلة صحية تستدعي العلاج. [1]

ومن المهم كثيرًا تحديد سبب عدم انتظام الدورة الشهرية، خصوصًا في حال تكرار ذلك عدة مرات أو كانت هناك تغيرات كبيرة في موعد الدورة، ففي هذه الحالات يمكن أن يدل عدم انتظام الدورة على وجود مشكلة صحية لدى المرأة. [1]

نناقش في المقال التالي أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية الطبيعية والمرضية.

لماذا يحدث عدم انتظام الدورة الشهرية؟

إن هرمون الإستروجين، وهرمون البروجستيرون، والهرمون المنبه للجريب هي الهرمونات الرئيسية المسؤولة عن تنظيم الدورة الشهرية لدى المرأة، ويمكن أن يحدث عدم انتظام الدورة الشهرية نتيجة لأي عامل أو سبب يمكن أن يؤدي إلى اضطراب مستويات هذه الهرمونات أو يؤثر على عملها. [1][2]

ليس ذلك فقط يمكن أن يكون سبب عدم انتظام الدورة الشهرية حدوث اضطراب في مستويات بعض الهرمونات الأخرى، مثل: هرمون البرولاكتين وهرمونات الغدة الدرقية، والتي يمكن أن تؤثر على عمل المبيض أو عمل الهرمونات المسؤولة عن تنظيم الدورة، الأمر الذي يؤدي إلى تغير في موعدها. [1][2]

وفيما يلي نوضح أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية بالتفصيل:

أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية الطبيعية

لا يدل عدم انتظام الدورة الشهرية دائمًا على وجود مشكلة صحية لدى الأنثى، وإنما يمكن أن يحدث نتيجة لأسباب طبيعية أو أسباب تتعلق بنمط الحياة الخاص بها. وفيما يلي نذكر بعضًا من هذه الأسباب:

التوتر والإجهاد

يمكن أن تتسبب المستويات العالية من التوتر والإجهاد بعدم انتظام الدورة الشهرية، ويعود ذلك لإفراز الجسم بعض الهرمونات، مثل: هرمون الأدرينالين وهرمون الكورتيزول، التي يمكن أن تتفاعل مع الهرمونات الجنسية التي تنظم الدورة الشهرية وتؤثر على عملها. [1][3]

ومن الدراسات التي تدعم ربط زيادة مستويات التوتر مع عدم انتظام الدورة، هي دراسة نشرت عام 2021 والتي تم فيها دراسة انتظام الدورة خلال جائحة كوفيد-19 التي تسببت بقلق وتوتر حول العالم. فقد أبلغنت 54% من بين النساء المشاركات (العدد الكلي 210 مشاركة) عن حدوث تغيرات في دورتهن الشهرية في الأشهر الأولى من الوباء. [1]

ممارسة التمارين الرياضية

تُعد ممارسة التمارين الرياضية الشديدة والمفرطة سببًا من أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية، حيث يمكن أن تتداخل هذه التمارين أيضًا مع عمل الهرمونات المسؤولة عن تنظيم الدورة الشهرية، فقد وجد أن التمارين الرياضية الشاقة وتدريبات المقاومة يمكن أن تسبب انخفاضًا في الهرمونات المفرزة لموجهة الغدد التناسلية. [1][3]

وهذا ما يمكن أن يفسر عدم انتظام الدورة الشهرية لدى الإناث الرياضيات، والراقصات، وغيرهن ممن يتدربن بشكل مكثف. [1][3]

ويمكن أن يزداد تأثير التمارين الرياضية على الدورة الشهرية في حال صاحبه الالتزام بنظام غذائي محددة وتعرض المرأة لضغوطات عالية من أجل فقدان الوزن، كما هو الحال لدى لاعبات الجمباز أو راقصات الباليه. [1]

فقدان الوزن أو اكتسابه

 

من أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية أيضًا حدوث تغيرات كبيرة في الوزن، حيث أن فقدان الوزن المفرط أو السريع وعدم الحصول على كمية كافية من السعرات الحرارية يمكن أن يؤدي إلى توقف أجزاء من الدماغ عن إطلاق الهرمونات المنظمة للدورة الشهرية، وهذا ما سيؤدي إلى انقطاع الدورة وتأخير موعدها، وهي حالة تعرف طبيًا باسم انقطاع الطمث تحت المهاد، والتي تؤدي إلى نقص هرمون الإستروجين. [1][3]

ليس ذلك فقط، فمن الممكن أن يؤدي اكتساب الوزن والإصابة بالسمنة إلى تغير موعد الدورة الشهرية، حيث تتسبب الدهون الزائدة في الجسم بزيادة إنتاج هرمون الإستروجين، الأمر الذي يؤدي إلى تغيرات في الدورة الشهرية. [3][4]

أسباب أخرى غير مرضية

  • الحمل

لعل أهم العلامات المبكرة لحدوث الحمل هي انقطاع الدورة الشهرية، حيث يؤدي الحمل إلى منع حدوث عملية الإباضة، الأمر الذي سيؤدي إلى إيقاف الدورة الشهرية بشكل مؤقت. [3][4]

لكن يجب التنويه إلى أنه من الممكن أن يحدث تنقيط لكمية بسيطة من الدم خلال فترة الحمل وهو أمر لا علاقة له بالدورة الشهرية، ويمكن أن يعتبر أمرًا طبيعيًا في معظم الأحيان، ما لم يرافقه أعراض أخرى، حينها يمكن أن يدل هذا التنقيط على وجود مشكلة لدى المرأة الحامل، مثل: الإجهاض، أو العدوى، أو الحمل خارج الرحم. [1][5]

  • الرضاعة الطبيعية

تعتبر الرضاعة الطبيعية من أهم أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية بعد الولادة، خصوصًا خلال الأشهر الأولى من ولادته حيث يكون الطفل معتمًدا على حليب الأم فقط وتقوم الأم بإرضاعه بشكل متكرر. [1][2]

يؤدي ارتفاع هرمون البرولاكتين المسؤول عن إدرار الحليب إلى تثبيط الإباضة عند المرأة، الأمر الذي سيؤدي إلى توقف الدورة الشهرية، وهي حالة تسمى بانقطاع الطمث الرضاعي. [1][2]

ولا داعي للقلق أبدًا فغالبًا ما تعود الدورة الشهرية بعد وقت قصير من انخفاض معدل إرضاع الأم لطفلها أو بعد توقفها كليًا عن الرضاعة الطبيعية. [1]

  • البلوغ

من الطبيعي أن تكون الدورة غير منتظمة عند الفتيات خلال فترة البلوغ، ففي هذه الفترة يخضع الجسم لتغييرات كبيرة، ومن الممكن أن يستغرق الأمر عدة سنوات حتى تصبح مستويات الهرمونات الجنسية منتظمة وهناك نمط محدد لارتفاعها وانخفاضها. [2][4]

  • فترة ما قبل انقطاع الطمث

من أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية أيضًا وصول السيدة لمرحلة ما قبل انقطاع الطمث، والتي تبدأ قبل 4 - 8 سنوات من بدء مرحلة انقطاع الطمث، أو ما تعرف بسن اليأس، وعادةً ما تكون المرأة في الأربعينيات أو الخمسينات من عمرها. [1][4]

يحدث خلال مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، العديد من التغيرات الهرمونية والتي يمكن أن تتسبب بأن تصبح الدورة الشهرية أطول أو أقصر. وفي نهاية المطاف، ستحدث الدورة الشهرية بشكل أقل ومن ثم تتوقف تمامًا عندما تبدأ مرحلة انقطاع الطمث. [1][2]

اقرأ أيضًا: لماذا تتغير مواعيد الدورة الشهرية؟

أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية المرضية

تتضمن أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية إصابة المرأة ببعض المشكلات الصحية، منها:

متلازمة المبيض المتعدد الكيسات

تُعد متلازمة المبيض متعدد الكيسات من أهم الأمراض التي تسبب عدم انتظام الدورة الشهرية، وهي حالة تتطور فيها أكياس صغيرة مملوءة بالسوائل، تعرف باسم الخراجات، في المبيضين. [1][2]

تتسبب هذه المتلازمة بارتفاع مستويات هرمون التستوستيرون عند الأنثى، الأمر الذي يمنع أو يؤخر الإباضة، وهذا ما سيؤدي إلى عدم انتظام الدورة لديها. [1][2]

زوائد أو ألياف الرحم

إن زوائد أو ألياف الرحم عبارة عن نمو غير سرطاني يحدث في جدار الرحم، وغالبًا ما يتراوح حجم هذا النمو من حجم بذرة التفاح إلى حجم الجريب فروت. وغالبًا ما تتسبب زوائد وألياف الرحم بعدم انتظام الدورة الشهرية والذي يمكن أن يرافقه الأعراض التالية: [1][3]

  • آلام الدورة الشديدة.
  • غزارة الدورة.
  • آلام في منطقة الحوض أو أسفل الظهر.
  • ألم أثناء ممارسة الجنس.

ومع ذلك، يمكن أن لا تعاني المرأة من أية أعراض باستثناء عدم انتظام الدورة الشهرية. [1]

بطانة الرحم المهاجرة

تتضمن أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية المرضية أيضًا الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة، وهي حالة تتسبب بنمو الأنسجة التي تبطن الرحم في أماكن أخرى خارج منطقة الرحم، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى العديد من الاضطرابات في الدورة الشهرية، بما في ذلك:

  • ألم شديد أثناء الدورة.
  • نزيف شديد.
  • استمرار الدورة لفترات زمنية طويلة.
  • النزيف بين الدورات الشهرية.

اضطرابات الغدة الدرقية

لا تقتصر أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية المرضية على أمراض الجهاز التناسلي، وإنما يمكن أن تتضمن بعض الأمراض التي تؤثر على أجهزة الجسم أخرى. فعلى سبيل المثال يمكن أن تؤدي اضطرابات الغدة الدرقية بإحداث تغييرات في الدورة الشهرية، ويعود ذلك إلى أن هرمونات الغدة الدرقية تساعد في التحكم بتوقيت الإباضة والدورة الشهرية. [1][2]

بالتالي يمكن لأمراض الغدة الدرقية، بما في ذلك فرط نشاطها أو خمولها، أن يجعل الدورة الشهرية ثقيلة أو خفيفة، ويمكن أن يجعلها أكثر أو أقل تكرارًا، كما يمكن أن تتسبب بتوقف الإباضة لدى بعض النساء. [1][2]

أمراض أخرى

تتضمن قائمة الأمراض المسببة لعدم انتظام الدورة الشهرية أيضًا ما يلي: [2][3]

  • سرطان عنق الرحم.
  • سرطان الرحم.
  • مرض التهاب الحوض.
  • مرض السكري غير المتحكم به.
  • قصور المبيض الأولي.
  • متلازمة كوشينغ.
  • تضخم الغدة الكظرية الخلقي.
  • اضطرابات الأكل، مثل: فقدان الشهية العصبي أو الشره العصبي.

أدوية تسبب عدم انتظام الدورة الشهرية

لعل أشهر أنواع الأدوية التي تسبب عدم انتظام الدورة الشهرية هي حبوب منع الحمل وغيرها من وسائل منع الحمل الهرمونية، مثل: الغرسات، واللصقات، واللولب. [1][2]

تعمل وسائل منع الحمل الهرمونية عن طريق إيقاف الإباضة، وبالتالي لن يحدث فترة حيض حقيقية لدى المرأة أثناء استخدامها لهذه الوسائل، وإنما سيحدث لديها نزيف انسحاب يبدو مشابهًا للدورة الشهرية. وفي حالات أخرى قد لا تأتي الدورة على الإطلاق. [1][2]

يحدث عدم انتظام الدورة الشهرية بسبب حبوب منع الحمل وغيرها من وسائل منع الحمل الهرمونية خلال الأشهر القليلة الأولى من بدء استخدامها، وعادًة ما تصبح الدورة أكثر انتظامًا مع مرور الوقت [2]

وبالمثل، يمكن أن يحدث عدم انتظام في الدورة الشهرية عندما تتوقف المرأة عن استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية، ويمكن أن يستغرق الأمر بعض الوقت، يصل إلى 3 أشهر، حتى تنتظم الدورة. [2]

اقرأ أيضًا: ما موعد نزول الدورة بعد حبوب منع الحمل؟

ومن أنواع الأدوية التي يمكن أن يعتبر استخدامها سببًا من أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية ما يلي: [1]

  • أدوية تمييع الدم، مثل: الأسبرين (بالإنجليزية: Aspirin).
  • الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية، مثل: الإيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen).
  • أدوية الغدة الدرقية.
  • مضادات الاكتئاب.
  • أدوية الصرع.
  • أدوية العلاج الكيميائي.

اقرأ أيضًا: إليك، أسباب تأخر الدورة الشهرية عند البنات

نصيحة الطبي

تتعدد أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية، فمن الممكن أن يحدث ذلك بشكل طبيعي نتيجة للرضاعة الطبيعية، أو التعرض لمستويات عالية من الإجهاد، أو غيرها من الأسباب الطبيعية. بينما يمكن أن يدل عدم انتظام الدورة الشهرية على وجود مشكلة صحية، بما في ذلك متلازمة المبيض المتعدد الكيسات.

بشكل عام ينصح باستشارة الطبيب في حال المعاناة من عدم انتظام الدورة الشهرية بشكل متكرر أو رافقه أعراض أخرى. كما بإمكانكِ الآن الاستفادة من خدمة الاستشارات الطبية عن بعد التي يوفرها موقع الطبي على مدار 24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع.