تعد مشكلة رائحة الفم الكريهة أو ما تسمى علميًا البخر الفموي (بالإنجليزية: Halitosis) من المشكلات التي تسبب الحرج للكثيرين، مما يدفعهم للبحث عن الأسباب الرئيسية لهذه المشكلة. وعند التحدث عن أسباب رائحة الفم الكريهة، فمن الممكن أن تكون متعددة ومعقدة، إذ يمكن أن تبدأ من وجود البكتيريا في الفم وتنتهي بالاضطرابات أو الأمراض في الجهاز الهضمي أو بعض الحالات الصحية.

يتناول هذا المقال أبرز أسباب رائحة الفم الكريهة.

أسباب رائحة الفم الكريهة

قد تنتج رائحة الفم الكريهة عن اتباع عادات صحية سيئة للأسنان، أو نتيجة لتناول أطعمة معينة، أو قد تكون مؤشر على مشكلة صحية أخرى. وفيما يلي نذكر أسباب رائحة الفم الكريهة بالتفصيل. [1]

نمط الحياة والنظام الغذائي

قد تكون أسباب رائحة الفم الكريهة أمور بسيطة تنتج عن نمط الحياة والحمية الغذائية المتبعة، وتشمل: [1][2][3]

  • التدخين: يؤدي التدخين أو استخدام التبغ بأي شكل من أشكاله إلى انبعاث رائحة فم كريهة، وذلك لعدة أسباب، أولًا التركيب الكيميائي لهذه المادة حيث تعرف رائحة التبغ بأنها من الروائح القوية والنفاذة، بالإضافة إلى تأثيره السلبي على رطوبة الفم وتسببه بجفاف الفم، وهو إحدى أسباب رائحة الفم الكريهة. كما يسبب التدخين زيادة احتمالية الإصابة بأمراض اللثة وتغير لون الأسنان.
  • تناول بعض الأطعمة والمشروبات: يمكن أن يسبب تناول بعض الأطعمة والمشروبات، مثل البصل، والثوم، والسمك، والبهارات، والمشروبات الحمضية، والقهوة، والكحول، وأنواع معينة من الأجبان انبعاث رائحة فم كريهة؛ نتيجة امتصاص الجسم للزيوت والمركبات الكيميائية الموجودة فيها، والتي يتم نقلها إلى الرئتين. ويمكن أن تستمر تلك الرائحة لفترة تصل إلى 72 ساعة. كما يمكن أن يؤدي تراكم بقايا هذه الأطعمة بين الأسنان إلى انبعاث رائحة نفس كريهة أو مزعجة.
  • اتباع حميات غذائية صارمة أو الصيام: عند اتباع حميات غذائية صارمة مثل حمية الكيتو التي تتضمن كميات قليلة من الكربوهيدرات، يبدأ الجسم في حرق الدهون المخزنة لإنتاج الكيتون، والذي يمتاز برائحته القوية المماثلة لرائحة الأسيتون، وهذا ينتج عنه انبعاث رائحة نفس كريهة تشبه تلك الرائحة.

إهمال نظافة الفم والأسنان

قد يكون إهمال نظافة الفم والأسنان من أبرز وأهم أسباب رائحة الفم الكريهة؛ حيث تتراكم بقايا الطعام بين الأسنان واللثة وتتحلل ببطء، مما يؤدي إلى تراكم البكتيريا وتغذيتها على هذه الأطعمة، وبالتالي تكون طبقة الجير التي تطلقها هذه البكتيريا، أو ما تسمى أيضًا بطبقة البلاك، وتسبب نفس برائحة كريهة. لذا يوصى بتنظيف الأسنان باستخدام الفرشاة والخيط، واستخدام غسول الفم المناسب للتخلص من رائحة الفم الكريهة. [2]

ومن الأجزاء التي قد يتم إهمالها أيضًا في الفم هي اللسان، حيث قد تتراكم عليه البكتيريا نتيجة لتجمع الخلايا الميتة وبقايا الطعام، مما يسبب رائحة الفم الكريهة. لذا، يعتبر تنظيف اللسان بانتظام أمرًا مهمًا لتجنب هذه المشكلة. [1][3]

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون الأفراد الذين أجروا زراعة الأسنان أو تركيب الفينير أكثر عرضةً للإصابة برائحة الفم الكريهة، حيث تتجمع بقايا الطعام حولها، ويجب على الأفراد الحرص على تنظيفها بالطريقة المناسبة للحفاظ على صحة الفم ورائحته. [4]

كما وقد يكون سبب رائحة الفم الكريهة تركيب تقويم الأسنان وأطقم الأسنان، حيث يسهل تراكم بقايا الطعام على تقويم الأسنان إذ لم يتم تنظيفها بشكل صحيح ومنتظم، مما يسبب نمو البكتيريا حول هذه الأجهزة الخارجية وخروج رائحة فم كريهة. كما ويسبب طقم الأسنان غير المثبت بطريقة صحيحة في حدوث تقرحات، والتهابات داخل الفم، مما يساهم أيضًا في انبعاث نفس كريه. [5]

أمراض اللثة والأسنان

قد تكون رائحة الفم الكريهة من أعراض أمراض الفم واللثة، والتي قد تحدث لأسباب مختلفة، منها تراكم طبقة الجير بين الأسنان واللثة. وتشمل، وتشمل هذه الأمراض ما يلي: [1][2][6]

  • التهاب اللثة (بالإنجليزية: Gingivitis).
  • التهاب دواعم الأسنان (بالإنجليزية: Periodontitis).
  • التهاب اللثة التقرحي الناخر الحاد (بالإنجليزية: Acute Necrotizing Ulcerative Gingivitis).
  • تسوس الأسنان.
  • خراج الأسنان.

يجدر الإشارة أن التهابات الفم التي قد تسبب رائحة نفس كريه يمكن أن تكون التهابات بكتيرية أو فطرية. [1]

جفاف الفم

قد يكون جفاف الفم (بالإنجليزية: Xerostomia) وقلة إنتاج اللعاب إحدى أسباب رائحة الفم الكريهة خصوصًا في الصباح، حيث يعمل اللعاب على: [1]

  1. ترطيب الفم.
  2. الحد من تأثير الأحماض التي تطلقها مادة البلاك في الفم.
  3. التخلص من الخلايا الميتة التي تتراكم على اللسان واللثة وباطن الوجنتين.

لذلك، عدم إنتاج اللعاب بالكمية اللازمة وجفاف الفم قد يسبب تحلل الخلايا الميتة داخل الفم، مطلقة رائحة كريهة. ومن أسباب جفاف الفم ما يلي: [1][4][6]

  • تناول بعض الأدوية المسببة لجفاف الفم كعرض جانبي، مثل:
    • مضادات الهيستامين.
    • الأدوية المنومة.
    • الأمفيتامينات (بالإنجليزية: Amphetamines).
    • مضادات الاكتئاب.
    • مدرات البول.
    • مضادات الاحتقان.
    • بعض الفيتامينات، خصوصًا عند تناولها بتراكيز مرتفعة، مثل الأوميغا 3.
  • اضطرابات في الغدد اللعابية.
  • التنفس المستمر من الفم.
  • تناول الكحول.
  • انقطاع التنفس أثناء النوم.
  • الصيام لساعات طويلة.

أمراض ومشاكل صحية

لا تقتصر أسباب رائحة الفم الكريهة على مشاكل الفم والأسنان، بل وقد تدل على الإصابة بمشاكل صحية داخلية، وقد تكون أمراض مزمنة أو غير مزمنة، ومن هذه الأمراض ما يلي: [2][4]

  • أمراض الجهاز التنفسي العلوي والسفلي: تسبب بعض مشاكل الجهاز التنفسي رائحة نفس كريهة نتيجة لأسباب مختلفة، ومن أبرز هذه الأمراض:
    • نزلات البرد والإنفلونزا.
    • التهابات الحلق، بما في ذلك نمو بعض أنواع من البكتيريا على اللوزتين.
    • الالتهابات التي تصيب الأنف أو الجيوب الأنفية.
    • الالتهاب الرئوي التنفسي.
    • توسع والتهاب القصبات الهوائية، والذي قد ينتج عنه تراكم المخاط بكميات كبيرة في القصبات الهوائية، مما يساهم في انبعاث رائحة فم كريهة. كما قد تسبب البكتيريا المسؤولة عن الإصابة بالتهاب القصبات الهوائية بحد ذاتها خروج نفس برائحة مزعجة.
  • الحساسية: يمكن أن تسبب الأدوية المستخدمة في علاج الحساسية جفاف الفم. بالإضافة إلى ذلك، يضطر معظم الأفراد المصابين باحتقان الأنف الناتج عن الحساسية إلى التنفس عبر الفم، مما يزيد من الجفاف الذي يسهم في ظهور رائحة الفم الكريهة. علاوة على ذلك، يعتبر التنقيط الأنفي الخلفي أحد الأعراض الشائعة للحساسية، والتي يمكن أن تؤدي أيضًا إلى ظهور رائحة الفم غير المستحبة.
  • مرض السكري: يمكن أن يسبب عدم السيطرة على مرض السكري انخفاض مستوى الإنسولين في الدم، وعدم قدرة الجسم على استخدام السكر، فيبدأ بحرق الدهون المخزنة لإنتاج الطاقة. وعند تحلل الدهون، ينتج ما يسمى بالكيتونات، والتي يسبب تراكمها حالة تعرف باسم الحماض الكيتوني، وهي حالة خطرة تتطلب رعاية صحية طارئة ومن أعراضها رائحة الفم الكريهة.
  • أمراض الجهاز الهضمي: ترتبط أمراض الجهاز الهضمي بشكل وثيق برائحة الفم الكريهة، ومن هذه الأمراض التي قد تتسبب في رائحة الفم الكريهة من المعدة ما يلي:
    • الارتجاع المعدي المريئي وحموضة المعدة: يمكن أن يسبب رائحة نفس كريه نتجة لارتداد محتوى المعدة الذي يتضمن الأحماض والعصارة الهضمية والطعام غير المهضوم إلى المريء.
    • انسداد الأمعاء: يمكن أن يسبب انسداد الأمعاء مشكلة قيء مستمر ونفس رائحة كريهة شبيهة بالبراز.
    • متلازمة شوغرن (بالإنجليزية: Sjogrens Syndrome): يمكن أن ينتج جفاف الفم عن الإصابة بهذه المتلازمة، وبالتالي ظهور رائحة فم كريهة، وهي اضطراب في الجهاز المناعي، يظهر بشكل أكثر شيوعًا عند النساء في منتصف العمر والذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية الأخرى، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة.
  • أمراض أخرى، مثل
    • أمراض الكبد والكلى.
    • اضطرابات عمليات الأيض داخل الجسم.
    • السرطان.

اقرأ أيضًا: علاج رائحة الفم الكريهة من المعدة

تناول أدوية معينة

قد تسبب بعض الأدوية جفاف الفم، وهو إحدى أبرز أسباب رائحة الفم الكريهة. وليس ذلك فحسب، بل يمكن أن تزيد بعض الأدوية من رائحة الفم الكريهة عن طريق إفراز مواد كيميائية بعد الاستخدام. من الأمثلة على أدوية قد تسبب رائحة الفم الكريهة ما يلي: [4]

  • النيترات (بالإنجليزية: Nitrates)، المستخدمة لعلاج اضطرابات نظم القلب.
  • مضادات الحموضة.
  • أمينوثيولات (بالإنجليزية: Aminothiols)، التي تستخدم كمضادات للأكسدة أو في العلاج الكيميائي لبعض أنواع السرطان.
  • مضادات الكولين (بالإنجليزية: Anticholinergics)، التي تستخدم لعلاج حالات مثل مرض باركنسون وأمراض التهاب القناة البولية.
  • مضادات الاكتئاب (بالإنجليزية: Antidepressants).
  • مضادات الفطريات (بالإنجليزية: Antifungals).
  • مضادات الهيستامين والستيرويدات.
  • مضادات التشنج في الجهاز الهضمي (بالإنجليزية: Antispasmodics).
  • أدوية العلاج الكيماوي.
  • المكملات الغذائية، خصوصًا عند تناولها بتراكيز عالية.

ينبغي التنويه إلى أنه ليس من الضرورة أن يصاب الشخص برائحة فم كريهة نتيجة لاستخدام هذه الأدوية، ولكنها تعتبر أحد الآثار الجانبية المحتملة لها.

الحمل

لا يسبب الحمل في حد ذاته رائحة الفم الكريهة، ولكن قد تكون الأعراض المصاحبة للحمل هي المسبب الرئيسي لظهور هذه الرائحة. وتشمل الأسباب المحتملة لرائحة الفم الكريهة للحامل ما يلي: [7]

  1. التغيرات الهرمونية: يمكن أن تؤدي التغيرات الهرمونية أثناء الحمل إلى تكوين بيئة مناسبة لنمو البكتيريا في الفم وتراكم البلاك، حيث قد تزيد مستويات الإستروجين والبروجستيرون المرتفعة من حساسية اللثة للبلاك، مما يؤدي إلى التهاب اللثة أو تورم اللثة، إحدى مسببات رائحة الفم الكريهة.
  2. الغثيان: يمكن أن يؤدي الغثيان الناتج عن الحمل إلى التقيؤ المتكرر، ما يزيد من حمضية الفم، ويؤثر ذلك على الأسنان ويجعلها أكثر عرضة للتسوس، مما يؤدي في النهاية إلى رائحة فم كريهة.
  3. بطء الهضم: قد يؤدي بطء الهضم، الناتج عن التغيرات الهرمونية وتمدد الرحم، الإصابة بالارتجاع المريئي، الذي يؤثر على حمضية الفم ويجعل الأسنان أكثر عرضة للتسوس.
  4. نقص الكالسيوم: يمكن أن يسبب نقص مستويات الكالسيوم في دم الأم تسرب المعادن من العظام والأسنان، مما يسبب ضعف الأسنان وزيادة خطر التسوس وبالتالي رائحةلفم كريهة للحامل.
  5. الجفاف: يمكن أن يسبب الجفاف، الناتج عن القيء المتكرر أو زيادة التبول خلال الحمل، إلى ظهور رائحة فم كريهة. كذلك، يرتبط الحمل أيضًا بنقص إنتاج اللعاب، مما قد يسبب جفاف الفم ونفس برائحة مزعجة.

نصيحة الطبي

تساعد معرفة أسباب رائحة الفم الكريهة في التغلب على هذه المشكلة والإحراج الذي قد تسببه، وكذلك منع أي مضاعفات أخرى قد تنتج عن السبب الكامن. يمكنك الآن الحصول على استشارة طبية مع أطباء موثوقين من خلال خدمة الاستشارات الطبية عن بعد التي يقدمها موقع الطبي.