أثار تقرير مركز السيطرة على الأمراض الامريكي (CDC) الأخير ضجة صاخبة على الصحف و وسائل الاعلام الامريكية  و العالمية بعد أن أظهر ارتفاعا ملحوظا في عدد الحالات المشخصة بمرض الحصبة (Measles)  فيما اعتبر أسوأ اندلاع منذ

سنوات.

ما زاد في حدة الانتشار - وحدة الضجة الاعلامية المرافقة أيضاً- هو وجود عدد لا باس به من الاشخاص الغير محصنين من المرض٬ فكل ما كان يلزم لحصول تفش للوبا هو دخول شخص مصاب (او اكثر) الى مكان مكتظ (مثل disneyland) لينتقل

المرض إلى اكثر من 100 حالة. ففي الولايات المتحدة، كما في بقية العالم، تنتشر حملات عديدة مناهضة للقاحات، تدعوا إلى عدم  اخذ المطاعيم بمجملها و تحذر من أضاراها الخفية.

حملة مشابهة لها كانت تلك التي شغلت مواقع التواصل الاجتماعي في الاشهر الماضية حول ضرر مطاعيم شلل الاطفل، في فترة تتزامن مع عدة حملات حكومية للتطعيم ضد هذا المرض في عدد من الدول العربية. و قبل التحدث عن جدية أو مدى علمية هذه

الحملات، لنسأل انفسنا: هل تعمل هذه المطاعيم حقاً؟

 

هل تعمل هذه المطاعيم حقا؟

بدأت فكرة المطاعيم في عام 1796، عندما لاحظ الطبيب الانجليزي إدوارد جينر أن الاشخاص الذين أصيبوا بمرض جدري البقر cowpox أصبحوا منيعين من الاصابة بمرض الجدري Smallpox القاتل و الذي يسببه فيروس مشابه. بفضل هذه الفكرة

أعلنت منظمة الصحة العالمية في عام 1980 القضاء على مرض الجدري تماما بعد أن كا يحصد ما يزيد عن 400,000 شخص سنويا في أوروبا وحدها، ليكون بذلك أول وباء يتم القضاء عليه بفضل المطاعيم.

 

 

 

 

 

تعمل المطاعيم في العادة بنفس الطريقة؛ حيث تعمل على "تدريب" الجسم و جهاز المناعة على مواجهة الفيروس او الجرثومة الحقيقية في حال تعرضه لها. ساعدت هذه الفكرة في الحد من انتشار عدد كبير من الأمراض الوبائية، مثل الخناق، و السعال الديكي

و شلل الاطفال (و الذي حيث يتوقع أن يتمكن العالم من التخلص منه نهائيا في السنوات القريبة).

 

اذا، ما هو سبب الهجمة هذه على المطاعيم؟

 تنشط حملة عالمية على الانترنت تحت اسم "قل لا للمطاعيم" تحذر من خطر المطاعيم و اللقاحات المختلفة، بالإضافة إلى عدد لا بأس به من الحملات الوطنية في عدد من الدول.

بدأت الحركات الرافضة للمطاعيم مع ظهور أول مطعوم، و استمرت عبر العصور و مع تطوير كل مطعوم جديد، أشهرها (في العصر الحديث) كانت بعد ظهور بحث على المجلة الطبية المشهورة لانسيت Lancet زعِم فيها وجود علاقة بينما يعرف بالمطعوم الثلاثي ( مطعوم الدفتيريا أو الخناق و الحصبة و الحصبة الألمانية) و بين مرض التوحد عند الاطفال.

 

على الرغم من ان التحقيقات أظهرت لاحقا وجود تضارب في المصالح عند المؤلف و تم اثبات قيامه بالتلاعب بالأدلة العلمية، أدت لاحقاً إلى سحب رخصة مزاولة المهنة منه و منعه من ممارسة الطب، إلا أن الضرر قد قصل! فقد رافق نشر هذه المقالة حملة إعلامية واسعة النطاق هاجمت المطعوم و الجهود خلف اطلاقه، إضافة إلى عدد كبير من المقالات التي كُتبت لتظهر أضرار هذه المطعوم من قبل أشخاص غير مختصين، الأمر الذي ساهم في التأثير على ثقة الناس بهذا المطعوم.

نتيجة لذلك، انخفضت معدلات أخذ المطعوم في عدد من الدول و ازدادت الحالات المسجلة للمرض، لدرجة  وصولها لدرجة الوباء في بعض الدول.

الزئبق، و الذي يدخل في تركيب أحد المواد الحافظة المستخدمة في بعض أنواع المطاعيم، كان أيضا موضع جدل كبير، حيث ظهرت ادعائات غير مثبتة علميا تزعم وجود علاقة بين هذه المادة و مرضي التوحد و نقص التركيز ADHD عند الاطفال. و مع جهود الأطباء العديدة في اقناع الرأي العام بعدم ثبوت هذه الادعائات من جهة، و حقيقة أن هذه المادة لا تستخدم إلا في أنواع محددةة من المطاعيم، إلا أن جهودهم تصدت لها حملات قامت عليها شخصيات اجتماعية بارزة طالبت الناس بمقاطعة المطاعيم جميعها.

 

ولكن أليس من حقي تقرير اذا ما كنت سأتلقى المطعوم أم لا؟

قد يكون هذا صحيحا لو كان القرار متعلقا بصحة الفرد نفسه فقط، و حالة تفشي المرض الأخيرة (و التي دفعت العديد إلى مهاجمة الحملات المناهضة للمطاعيم و تحميلها السبب) كانت خير مثال. فلم يكن المرض لينتشر لو كان الاطفال الموجودين في تلك المنطقة قد تلقوا لقاحاتهم في الصغر، و ما كانوا الان يشكلون خطرا على كل من حولهم (ممن لم يتلقوا اللقاح أيضا).

للمزيد:

حقائق حول مطاعيم الأطفال انفوجرافيك

آخر التوصيات في تطعيمات الاطفال

أمن وفعالية مطعوم الإنفلونزا 2014-2015